responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : أحكام القرآن - ت قمحاوي نویسنده : الجصاص    جلد : 4  صفحه : 113
ما لا لَقِيَ اللَّهَ تَعَالَى وَهُوَ عَلَيْهِ غَضْبَانُ
وَرَوَى جَابِرٌ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ مَنْ حَلَفَ عَلَى مِنْبَرِي هَذَا بِيَمِينٍ آثِمَةٍ تَبَوَّأَ مَقْعَدَهُ مِنْ النَّارِ
فَذَكَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَأْثَمَ وَلَمْ يَذْكُرْ الْكَفَّارَةَ فَدَلَّ عَلَى أَنَّ الْكَفَّارَةَ غَيْرُ وَاجِبَةٍ مِنْ وَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ لَا تَجُوزُ الزِّيَادَةُ فِي النَّصِّ إلَّا بِمِثْلِهِ وَالثَّانِي أَنَّهَا لو كانت واجبة لذكرها في اليمين المعقودة في
قوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ حَلَفَ عَلَى يَمِينٍ فَرَأَى غَيْرَهَا خَيْرًا مِنْهَا فَلْيَأْتِ الَّذِي هو خيرا مِنْهَا وَلْيُكَفِّرْ عَنْ يَمِينِهِ رَوَاهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ سَمُرَةَ وَأَبُو هُرَيْرَةَ
وَغَيْرُهُمَا وَمِمَّا يَدُلُّ عَلَى نَفْيِ الْكَفَّارَةِ فِي الْيَمِينِ عَلَى الْمَاضِي قَوْله تَعَالَى فِي نَسَقِ التِّلَاوَةِ وَاحْفَظُوا أَيْمانَكُمْ وَحِفْظُهَا مُرَاعَاتُهَا لِأَدَاءِ كَفَّارَتِهَا عِنْدَ الْحِنْثِ فِيهَا وَمَعْلُومٌ امْتِنَاعُ حِفْظِ الْيَمِينِ عَلَى الْمَاضِي لِوُقُوعِهَا عَلَى وَجْهٍ وَاحِدٍ لَا يَصِحُّ فِيهَا الْمُرَاعَاةُ وَالْحِفْظُ فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ قَوْله تَعَالَى ذلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمانِكُمْ إِذا حَلَفْتُمْ يَقْتَضِي عُمُومُهُ إيجَابَ الْكَفَّارَةِ فِي سَائِرِ الْأَيْمَانِ إلَّا مَا خَصَّهُ الدَّلِيلُ قِيلَ لَهُ لَيْسَ كَذَلِكَ لِأَنَّهُ مَعْلُومٌ أَنَّهُ قَدْ أَرَادَ بِهِ الْيَمِينَ الْمَعْقُودَةَ عَلَى الْمُسْتَقْبَلِ فَلَا مَحَالَةَ أَنَّ فيه ضمير يَتَعَلَّقُ بِهِ وُجُوبُ الْكَفَّارَةِ وَهُوَ الْحِنْثُ وَإِذَا ثَبَتَ أَنَّ فِي الْآيَةِ ضَمِيرًا سَقَطَ الِاحْتِجَاجُ بِظَاهِرِهَا لِأَنَّهُ لَا خِلَافَ أَنَّ الْيَمِينَ الْمَعْقُودَةَ لَا تَجِبُ بِهَا كَفَّارَةٌ قَبْلَ الْحِنْثِ فَثَبَتَ أَنَّ فِي الْآيَةِ ضَمِيرًا فَلَمْ يَجُزْ اعْتِبَارُ عُمُومِهَا إذْ كَانَ حُكْمُهَا مُتَعَلِّقًا بِضَمِيرٍ غَيْرِ مَذْكُورٍ فِيهَا وَأَيْضًا قَوْله تَعَالَى وَاحْفَظُوا أَيْمانَكُمْ يَقْتَضِي أَنْ يَكُونَ جَمِيعُ مَا تَجِبُ فِيهِ الْكَفَّارَةُ مِنْ الْأَيْمَانِ هِيَ الَّتِي أَلْزَمَنَا حِفْظَهَا وَذَلِكَ إنَّمَا هُوَ فِي الْيَمِينِ الْمَعْقُودَةِ الَّتِي تُمْكِنُ مُرَاعَاتُهَا وَحِفْظُهَا لِأَدَاءِ كَفَّارَتِهَا وَالْيَمِينُ عَلَى الْمَاضِي لَا يَقَعُ فِيهَا حِنْثٌ فَيَنْتَظِمُهَا اللَّفْظُ أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَا يَصِحُّ دُخُولُ الِاسْتِثْنَاءِ عَلَيْهَا فَتَقُولَ كَانَ أَمْسِ الْجُمُعَةَ إنْ شَاءَ الله والله لقد كان أمس الجمعة إذ كَانَ الْحِنْثُ وُجُودَ مَعْنَى بَعْدَ الْيَمِينِ بِخِلَافِ مَا عَقَدَ عَلَيْهِ وَيَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْكَفَّارَةَ إنَّمَا تَتَعَلَّقُ بِالْحِنْثِ فِي الْيَمِينِ بَعْدَ الْعَقْدِ أَنَّهُ لَوْ قَالَ وَاَللَّهِ كَانَ ذَلِكَ قَسَمًا وَلَمْ تَلْزَمْهُ كَفَّارَةٌ بِوُجُودِ هَذَا الْقَوْلِ لِأَنَّهُ لَمْ يَتَعَلَّقْ بِهِ حِنْثٌ وَقَدْ قُرِئَ قَوْله تعالى بِما عَقَّدْتُمُ على ثلاثة أوجه عقدتم بالتشديد قد قرأه جماعة وعقدتم خفيفة وعاقدتم فقوله تعالى عَقَّدْتُمُ بِالتَّشْدِيدِ كَانَ أَبُو الْحَسَنِ يَقُولُ لَا يَحْتَمِلُ إلا عقد قول وعقدتم بِالتَّخْفِيفِ يَحْتَمِلُ عَقْدَ الْقَلْبِ وَهُوَ الْعَزِيمَةُ وَالْقَصْدُ إلَى الْقَوْلِ وَيَحْتَمِلُ عَقْدَ الْيَمِينِ قَوْلًا وَمَتَى احْتَمَلَ إحْدَى الْقِرَاءَتَيْنِ الْقَوْلَ وَاعْتِقَادَ الْقَلْبِ وَلَمْ يَحْتَمِلْ الْأُخْرَى إلَّا عَقْدَ الْيَمِينِ قَوْلًا وَجَبَ حَمْلُ مَا يَحْتَمِلُ وَجْهَيْنِ عَلَى مَا لَا يَحْتَمِلُ إلَّا وَجْهًا وَاحِدًا فَيَحْصُلُ الْمَعْنَى مِنْ

نام کتاب : أحكام القرآن - ت قمحاوي نویسنده : الجصاص    جلد : 4  صفحه : 113
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست