responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : أحكام القرآن - ت قمحاوي نویسنده : الجصاص    جلد : 3  صفحه : 339
الصَّلَاةَ وَقَوْلُهُ لَا تَتِمُّ صَلَاةُ امْرِئٍ حَتَّى يَضَعَ الطَّهُورَ مَوَاضِعَهُ فَيَغْسِلَ وَجْهَهُ وَيَدَيْهِ وَيَمْسَحَ بِرَأْسِهِ وَيَغْسِلَ رِجْلَيْهِ
فَقَوْلُهُ حَتَّى يَضَعَ الطَّهُورَ مَوَاضِعَهُ
يَقْتَضِي جَوَازَهُ بِغَيْرِ نِيَّةٍ لِأَنَّ مَوَاضِعَ الطَّهُورِ مَعْلُومَةٌ مَذْكُورَةٌ فِي الْقُرْآنِ فَصَارَ كَقَوْلِهِ حَتَّى يَغْسِلَ هَذِهِ الْأَعْضَاءَ
وَقَوْلُهُ فَيَغْسِلَ وَجْهَهُ وَيَدَيْهِ
يُوجِبُ ذَلِكَ أَيْضًا إذْ لَمْ يَشْرِطْ فِيهِ النِّيَّةَ فَظَاهِرُهُ يَقْتَضِي جَوَازَهُ عَلَى أَيِّ وَجْهٍ غَسَلَهُ وَيَدُلُّ مِنْ جِهَةٍ أُخْرَى أَنَّهُ مَعْلُومٌ أَنَّ الْأَعْرَابِيَّ كَانَ جَاهِلًا بِأَحْكَامِ الصَّلَاةِ وَالطَّهَارَةِ فَلَوْ كَانَتْ النِّيَّةُ شَرْطًا فِيهَا لَمَا أَخْلَاهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ التَّوْقِيفِ عَلَيْهَا وَفِي ذَلِكَ أَوْضَحُ دَلِيلٍ عَلَى أَنَّهَا لَيْسَتْ مِنْ فُرُوضِهَا وَيَدُلُّ عَلَيْهِ أَيْضًا
قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي غُسْلِ الجنابة لأم سلمة إنما يكفيك أن تحتي على رأسك ثلاث حثيات على سَائِرِ جَسَدِك فَإِذَا أَنْتِ قَدْ طَهُرْت
وَلَمْ يَشْرِطْ فِيهِ النِّيَّةَ
وَرَوَى ابْنُ عُمَرَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ تَوَضَّأَ مَرَّةً مَرَّةً ثُمَّ قَالَ هَذَا وُضُوءٌ لَا يَقْبَلُ اللَّهُ الصَّلَاةَ إلَّا بِهِ
فَأَشَارَ إلَى الفعل المشاهد دون النية هِيَ ضَمِيرٌ لَا تَصِحُّ الْإِشَارَةُ إلَيْهِ وَأَخْبَرَ بِقَبُولِ الصَّلَاةِ بِهِ
وَقَالَ إذَا وَجَدْت الْمَاءَ فَأَمْسِسْهُ جِلْدَك
وَقَالَ إنَّ تَحْتَ كُلِّ شَعْرَةٍ جَنَابَةً فَبُلُّوا الشَّعْرَ وَأَنْقُوا الْبَشَرَةَ
وَمِنْ جِهَةِ النَّظَرِ أَنَّ الْوُضُوءَ طَهَارَةٌ بِالْمَاءِ كَغَسْلِ النَّجَاسَةِ وَأَيْضًا هُوَ سَبَبٌ يُتَوَصَّلُ بِهِ إلَى صِحَّةِ أَدَاءِ الصَّلَاةِ لَا عَلَى وَجْهِ الْبَدَلِ عَنْ غَيْرِهِ فَأَشْبَهَ غَسْلَ النَّجَاسَةِ وَسَتْرَ الْعَوْرَةِ وَالْوُقُوفَ عَلَى مَكَان طَاهِرٍ وَلَا يَلْزَمُ عَلَيْهِ التَّيَمُّمُ لِأَنَّهُ بَدَلٌ عَنْ غَيْرِهِ فَإِنْ احْتَجُّوا بِقَوْلِهِ تَعَالَى وَما أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ ذلك يَقْتَضِي إيجَابَ النِّيَّةِ لَهُ لِأَنَّ ذَلِكَ أَقَلَّ أَحْوَالِ الْإِخْلَاصِ قِيلَ لَهُ يَنْبَغِي أَنْ يَثْبُتَ أَنَّ الْوُضُوءَ عِبَادَةٌ أَوْ أَنَّهُ مِنْ الدِّينِ إذْ جَائِزٌ أَنْ يُقَالَ إنَّ الْعِبَادَاتِ هِيَ مقصودة لِعَيْنِهِ فِي التَّعَبُّدِ فَأَمَّا مَا أُمِرَ بِهِ لِأَجْلِ غَيْرِهِ أَوْ جُعِلَ شَرْطًا فِيهِ أَوْ سَبَبًا لَهُ فَلَيْسَ يَتَنَاوَلُهُ هَذَا الِاسْمُ وَلَوْ لَزِمَ أَنْ يَكُونَ تَارِكُ النِّيَّةِ فِي الطَّهَارَةِ غَيْرَ مُخْلِصٍ لِلَّهِ لَوَجَبَ مِثْلُهُ فِي تَارِكِ النِّيَّةِ فِي غَسْلِ النَّجَاسَةِ وَسَتْرِ الْعَوْرَةِ فَلَمَّا لَمْ يَجُزْ أَنْ يَكُونَ تَارِكُ النِّيَّةِ فِيمَا وَصَفْنَا غَيْرَ مُخْلِصٍ إذْ كَانَ مَأْمُورًا بِهِ لِأَجْلِ الصَّلَاةِ كَانَ كَذَلِكَ فِي الطَّهَارَةِ وَأَيْضًا فَإِنَّ كُلَّ مَنْ اعْتَقَدَ الْإِسْلَامَ فَهُوَ مُخْلِصٌ لِلَّهِ تَعَالَى فِيمَا يَفْعَلُهُ مِنْ الْعِبَادَاتِ إذْ لَمْ يُشْرِكْ فِي النِّيَّةِ بَيْنَ اللَّهِ وَبَيْنَ غَيْرِهِ لِأَنَّ ضِدَّ الْإِخْلَاصِ هُوَ الْإِشْرَاكُ فَمَتَى لَمْ يُشْرِكْ فَهُوَ مُخْلِصٌ بِنَفْسِ اعْتِقَادِ الْإِيمَانِ فِي جَمِيعِ مَا يَفْعَلُهُ مِنْ الْعِبَادَاتِ مَا لَمْ يُشْرِكْ غَيْرَهُ فِيهِ وَاحْتَجُّوا
بِقَوْلِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ
وَهَذَا لَا يَصِحُّ الِاحْتِجَاجُ بِهِ فِي مَوْضِعِ الْخِلَافِ مِنْ قِبَلِ أَنَّ حَقِيقَةَ اللَّفْظِ تَقْتَضِي كَوْنَ الْعَمَلِ مَوْقُوفًا عَلَى النِّيَّةِ وَالْعَمَلُ مَوْجُودٌ

نام کتاب : أحكام القرآن - ت قمحاوي نویسنده : الجصاص    جلد : 3  صفحه : 339
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست