responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : أحكام القرآن - ت قمحاوي نویسنده : الجصاص    جلد : 3  صفحه : 284
لِكَثْرَةِ أَعْدَائِهِمْ مِنْ سَائِرِ الْمُشْرِكِينَ وَمِنْ يَهُودِ الْمَدِينَةِ وَمِنْ الْمُنَافِقِينَ فَلَمَّا أَعَزَّ اللَّهُ الْإِسْلَامَ وَكَثَّرَ أَهْلَهُ وَامْتَنَعُوا بِأَنْفُسِهِمْ وَظَهَرُوا عَلَى أَعْدَائِهِمْ أَخْبَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِاسْتِغْنَائِهِمْ عَنْ التَّحَالُفِ لِأَنَّهُمْ قَدْ صَارُوا كُلُّهُمْ يَدًا وَاحِدَةً عَلَى أَعْدَائِهِمْ مِنْ الْكُفَّارِ بِمَا أَوْجَبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنْ التَّنَاصُرِ وَالْمُوَالَاةِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِناتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِياءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ
وَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمُؤْمِنُونَ يَدٌ عَلَى مَنْ سِوَاهُمْ وَقَالَ ثَلَاثٌ لَا يغل عليهن قلب مؤمن إخلاص العمل لله وَالنَّصِيحَةُ لِوُلَاةِ الْأَمْرِ وَلُزُومُ جَمَاعَةِ الْمُسْلِمِينَ فَإِنَّ دَعْوَتَهُمْ تُحِيطُ مَنْ وَرَاءَهُمْ فَزَالَ التَّنَاصُرُ بِالْحِلْفِ وَزَالَ الْجِوَارُ
وَلِذَلِكَ
قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِعَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ وَلَعَلَّك أَنْ تَعِيشَ حَتَّى تَرَى الْمَرْأَةَ تَخْرُجُ مِنْ الْقَادِسِيَّةِ إلَى الْيَمَنِ بِغَيْرِ جِوَارٍ
وَلِذَلِكَ
قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا حِلْفَ فِي الْإِسْلَامِ
وَأَمَّا
قَوْلُهُ وَمَا كَانَ مِنْ حِلْفٍ فِي الْجَاهِلِيَّةِ فَلَمْ يَزِدْهُ الْإِسْلَامُ إلَّا شِدَّةً
فَإِنَّمَا يَعْنِي بِهِ الْوَفَاءَ بِالْعَهْدِ مِمَّا هُوَ مُجَوَّزٌ فِي الْعُقُولِ مُسْتَحْسَنٌ فِيهَا نَحْوَ الْحِلْفِ الَّذِي عَقَدَهُ الزُّبَيْرُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ
قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا أُحِبُّ أَنَّ لِي بِحِلْفٍ حَضَرْته حُمْرَ النَّعَمِ فِي دَارِ ابْنِ جُدْعَانَ وَأَنِّي أَغْدِرُ بِهِ هَاشِمٌ وَزُهْرَةُ وَتَيْمٌ تَحَالَفُوا أَنْ يَكُونُوا مَعَ الْمَظْلُومِ مَا بَلَّ بَحْرٌ صُوفَةً وَلَوْ دُعِيت إلَى مِثْلِهِ فِي الْإِسْلَامِ لَأَجَبْت
وَهُوَ حِلْفُ الْفُضُولِ وَقِيلَ إنَّ الْحِلْفَ كَانَ عَلَى مَنْعِ الْمَظْلُومِ وَعَلَى التَّأَسِّي فِي الْمَعَاشِ فَأَخْبَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ حَضَرَ هَذَا الْحِلْفَ قَبْلَ النُّبُوَّةِ وَأَنَّهُ لَوْ دُعِيَ إلَى مِثْلِهِ فِي الْإِسْلَامِ لَأَجَابَ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَدْ أَمَرَ الْمُؤْمِنِينَ بِذَلِكَ وَهُوَ شَيْءٌ مُسْتَحْسَنٌ فِي الْعُقُولِ بَلْ وَاجِبٌ فِيهَا قَبْلَ وُرُودِ الشَّرْعِ فَعَلِمْنَا أَنَّ
قَوْلَهُ لَا حِلْفَ فِي الْإِسْلَامِ
إنَّمَا أَرَادَ بِهِ الَّذِي لَا تُجَوِّزُهُ الْعُقُولُ وَلَا تُبِيحُهُ الشَّرِيعَةُ
وَقَدْ رُوِيَ عَنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ حَضَرْت حِلْفَ الْمُطَيِّبِينَ وَأَنَا غُلَامٌ وَمَا أُحِبُّ أَنْ أَنْكُثَهُ وَأَنَّ لِي حُمْرَ النَّعَمِ وَقَدْ كَانَ حِلْفُ الْمُطَيِّبِينَ بَيْنَ قُرَيْشٍ عَلَى أَنْ يَدْفَعُوا عَنْ الْحَرَمِ مَنْ أَرَادَ انْتِهَاكَ حُرْمَتِهِ بِالْقِتَالِ فِيهِ
وَأَمَّا
قَوْلُهُ وَمَا كَانَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ فَلَمْ يَزِدْهُ الْإِسْلَامُ إلَّا شِدَّةً
فَهُوَ نَحْوُ حِلْفِ الْمُطَيِّبِينَ وَحِلْفِ الْفُضُولِ وَكُلِّ مَا يَلْزَمُ الْوَفَاءُ بِهِ مِنْ الْمُعَاقَدَةِ دُونَ مَا كَانَ مِنْهُ مَعْصِيَةً لَا تُجَوِّزُهُ الشَّرِيعَةُ وَالْعَقْدُ فِي اللُّغَةِ هُوَ الشَّدُّ تَقُولُ عَقَدَتْ الْحَبْلَ إذَا شَدَدْته وَالْيَمِينُ عَلَى الْمُسْتَقْبَلِ تُسَمَّى عَقْدًا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى لا يُؤاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمانِكُمْ وَلكِنْ يُؤاخِذُكُمْ بِما عَقَّدْتُمُ الْأَيْمانَ وَالْحِلْفُ يُسَمَّى عَقْدًا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى وَالَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمانُكُمْ فَآتُوهُمْ نَصِيبَهُمْ وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ فِي قَوْلِهِ أَوْفُوا بِالْعُقُودِ قَالَ هِيَ الْعُهُودُ وَالْأَيْمَانُ وَرُوِيَ عَنْ

نام کتاب : أحكام القرآن - ت قمحاوي نویسنده : الجصاص    جلد : 3  صفحه : 284
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست