responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : أحكام القرآن - ت قمحاوي نویسنده : الجصاص    جلد : 3  صفحه : 172
وَالْحَسَدُ هُوَ تَمَنِّي زَوَالِ النِّعْمَةِ عَنْ صَاحِبِهَا وَلِذَلِكَ قِيلَ إنَّ كُلَّ أَحَدٍ تَقْدِرُ أَنْ تُرْضِيَهُ إلَّا حَاسِدَ نِعْمَةٍ فَإِنَّهُ لَا يُرْضِيهِ إلَّا زَوَالُهَا وَالْغِبْطَةُ غَيْرُ مَذْمُومَةٍ لِأَنَّهَا تَمَنِّي مِثْلِ النِّعْمَةِ مِنْ غَيْرِ زَوَالِهَا عَنْ صَاحِبِهَا بَلْ مَعَ سُرُورٍ مِنْهُ بِبَقَائِهَا عَلَيْهِ
قَوْله تَعَالَى كُلَّما نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْناهُمْ جُلُوداً غَيْرَها قِيلَ فِيهِ إنَّ اللَّهَ تَعَالَى يُجَدِّدُ لَهُمْ جُلُودًا غَيْرَ الْجُلُودِ الَّتِي احْتَرَقَتْ وَالْقَائِلُونَ بِهَذَا هُمْ الَّذِينَ يَقُولُونَ إنَّ الْجِلْدَ لَيْسَ بَعْضَ الْإِنْسَانِ وَكَذَلِكَ اللَّحْمُ وَالْعَظْمُ وَإِنَّ الْإِنْسَانَ هُوَ الرُّوحُ اللَّابِسُ لِهَذَا الْبَدَنِ وَمَنْ قَالَ إنَّ الْجِلْدَ هُوَ بَعْضُ الْإِنْسَانِ وَإِنَّ الْإِنْسَانَ هُوَ هَذَا الشَّخْصِ بِكَمَالِهِ فَإِنَّهُ يَقُولُ إنَّ الْجُلُودَ تُجَدَّدُ بِأَنْ تُرَدُّ إلَى الْحَالِ الَّتِي كَانَتْ عليها غير محترقة كما يقال لخاتم كثر ثُمَّ صِيغَ خَاتَمٌ آخَرُ هَذَا الْخَاتِمُ غَيْرُ ذَاكَ الْخَاتَمِ وَكَمَا يُقَالُ لِمَنْ قَطَعَ قَمِيصَهُ قَبَاءً هَذَا اللِّبَاسُ غَيْرُ ذَاكَ اللِّبَاسِ وَقَالَ بَعْضُهُمْ التَّبْدِيلُ إنَّمَا هُوَ لِلسَّرَابِيلِ الَّتِي قَدْ أُلْبِسُوهَا وَهُوَ تَأْوِيلٌ بَعِيدٌ لِأَنَّ السَّرَابِيلَ لَا تُسَمَّى جُلُودًا وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.

بَابُ مَا أَوْجَبَ اللَّهُ تَعَالَى مِنْ أَدَاءِ الْأَمَانَاتِ
قَالَ اللَّهُ تَعَالَى إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَماناتِ إِلى أَهْلِها اخْتَلَفَ أَهْلُ التَّفْسِيرِ فِي الْمَأْمُورِينَ بِأَدَاءِ الْأَمَانَةِ فِي هَذِهِ الْآيَةِ مَنْ هُمْ فَرُوِيَ عَنْ زيد بن أسلم ومكحول وشهر ابن حَوْشَبٍ أَنَّهُمْ وُلَاةُ الْأَمْرِ وَقَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ إنَّهَا نَزَلَتْ فِي عُثْمَانَ بْنِ طَلْحَةَ أَمَرَ بِأَنْ تُرَدَّ عَلَيْهِ مَفَاتِيحُ الْكَعْبَةِ وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَأُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ وَالْحَسَنُ وَقَتَادَةُ هُوَ في كل مؤتمن على شيء وهذا أَوْلَى لِأَنَّ قَوْله تَعَالَى إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ خِطَابٌ يَقْتَضِي عُمُومُهُ سَائِرَ الْمُكَلَّفِينَ فَغَيْرُ جَائِزٍ الِاقْتِصَارُ بِهِ عَلَى بَعْضِ النَّاسِ دُونَ بَعْضٍ إلَّا بِدَلَالَةٍ وَأَظُنُّ مَنْ تَأَوَّلَهُ عَلَى وُلَاةِ الأمر ذهبت إلَى قَوْله تَعَالَى وَإِذا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ لَمَّا كَانَ خِطَابًا لِوُلَاةِ الْأَمْرِ كَانَ ابْتِدَاءُ الْخِطَابِ مُنْصَرِفًا إلَيْهِمْ وَلَيْسَ ذَلِكَ كَذَلِكَ إذْ لَا يَمْتَنِعُ أَنْ يَكُونَ أَوَّلَ الْخِطَابِ عُمُومًا فِي سَائِرِ النَّاسِ وَمَا عُطِفَ عَلَيْهِ خَاصًّا فِي وُلَاةِ الْأَمْرِ عَلَى مَا ذَكَرْنَا فِي نَظَائِرِهِ فِي الْقُرْآنِ وَغَيْرِهِ قَالَ أَبُو بَكْرٍ مَا اُؤْتُمِنَ عَلَيْهِ الْإِنْسَانُ فَهُوَ أَمَانَةٌ فَعَلَى الْمُؤْتَمَنِ عَلَيْهَا رَدُّهَا إلَى صَاحِبِهَا فَمِنْ الْأَمَانَاتِ الودائع على مُودَعِيهَا رَدُّهَا إلَى مَنْ أَوْدَعَهُ إيَّاهَا وَلَا خِلَافَ بَيْنَ فُقَهَاءِ الْأَمْصَارِ أَنَّهُ لَا ضَمَانَ عَلَى الْمُودَعِ فِيهَا إنْ هَلَكَتْ وَقَدْ رُوِيَ عَنْ بَعْضِ السَّلَفِ فِيهِ الضَّمَانُ ذَكَرَ الشَّعْبِيُّ عَنْ أَنَسٍ قَالَ اسْتَحْمَلَنِي رَجُلٌ بِضَاعَةً فَضَاعَتْ مِنْ بَيْنِ ثِيَابِي فَضَمَّنَنِي عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْبَاقِي بْنُ قَانِعٍ قَالَ حَدَّثَنَا حامد بن

نام کتاب : أحكام القرآن - ت قمحاوي نویسنده : الجصاص    جلد : 3  صفحه : 172
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست