responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : أحكام القرآن - ت قمحاوي نویسنده : الجصاص    جلد : 3  صفحه : 127
يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُخَفِّفَ عَنْكُمْ وَخُلِقَ الْإِنْسانُ ضَعِيفاً التَّخْفِيفُ هُوَ تَسْهِيلُ التَّكْلِيفِ وَهُوَ خِلَافُ التَّثْقِيلِ وَهُوَ نَظِيرُ قَوْله تَعَالَى وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلالَ الَّتِي كانَتْ عَلَيْهِمْ وقَوْله تَعَالَى يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وقَوْله تَعَالَى وَما جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ وقَوْله تَعَالَى مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ وَلكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ فنفى الضيق والثقل والحرج عنا في الْآيَاتِ وَنَظِيرُهُ
قَوْلُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلّم جئتكم بالحنيفة السَّمْحَةِ
وَذَلِكَ لِأَنَّهُ وَإِنْ حَرَّمَ عَلَيْنَا مَا ذكرنا تَحْرِيمَهُ مِنْ النِّسَاءِ فَقَدْ أَبَاحَ لَنَا غَيْرَهُنَّ مِنْ سَائِرِ النِّسَاءِ تَارَةً بِنِكَاحٍ وَتَارَةً بِمِلْكِ يَمِينٍ وَكَذَلِكَ سَائِرُ الْمُحَرَّمَاتِ قَدْ أَبَاحَ لَنَا مِنْ جِنْسِهَا أَضْعَافَ مَا حَظَرَ فَجَعَلَ لَنَا مَنْدُوحَةً عَنْ الْحَرَامِ بِمَا أَبَاحَ مِنْ الْحَلَالِ وَعَلَى هَذَا الْمَعْنَى مَا رُوِيَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ إنَّ اللَّهَ لَمْ يَجْعَلْ شِفَاءَكُمْ فِيمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ يَعْنِي أَنَّهُ لَمْ يَقْتَصِرْ بِالشِّفَاءِ عَلَى الْمُحَرَّمَاتِ بَلْ جَعَلَ لَنَا مَنْدُوحَةً وَغِنًى عَنْ الْمُحَرَّمَاتِ بِمَا أَبَاحَهُ لَنَا مِنْ الْأَغْذِيَةِ وَالْأَدْوِيَةِ حَتَّى لَا يَضُرَّنَا فَقْدُ مَا حُرِّمَ فِي أُمُورِ دُنْيَانَا
وَقَدْ رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم أنه مَا خُيِّرَ بَيْنَ أَمْرَيْنِ إلَّا اخْتَارَ أَيْسَرَهُمَا
وَهَذِهِ الْآيَاتُ يُحْتَجُّ بِهَا فِي الْمَصِيرِ إلَى التَّخْفِيفِ فِيمَا اخْتَلَفَ فِيهِ الْفُقَهَاءُ وَسَوَّغُوا فِيهِ الِاجْتِهَادَ وَفِيهِ الدَّلَالَةُ عَلَى بُطْلَانِ مَذْهَبِ الْمُجْبِرَةِ فِي قَوْلِهِمْ إنَّ اللَّهَ يُكَلِّفُ الْعِبَادَ مَا لَا يُطِيقُونَ لِإِخْبَارِهِ بِأَنَّهُ يُرِيدُ التَّخْفِيفَ عَنَّا وَتَكْلِيفُ مَا لَا يُطَاقُ غَايَةُ التَّثْقِيلِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ بِمَعَانِي كِتَابِهِ.

بَابٌ التِّجَارَاتُ وَخِيَارُ الْبَيْعِ
قَالَ اللَّهُ تَعَالَى يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَأْكُلُوا أَمْوالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْباطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجارَةً عَنْ تَراضٍ مِنْكُمْ قَالَ أَبُو بَكْرٍ قَدْ انْتَظَمَ هَذَا الْعُمُومُ النهى عن أكل مَالِ الْغَيْرِ وَمَالِ نَفْسِهِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى وَلا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ قَدْ اقْتَضَى النَّهْيَ عَنْ قَتْلِ غَيْرِهِ وَقَتْلِ نَفْسِهِ فَكَذَلِكَ قَوْله تَعَالَى لا تَأْكُلُوا أَمْوالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْباطِلِ نَهْيٌ لِكُلِّ أَحَدٍ عَنْ أَكْلِ مَالِ نَفْسِهِ وَمَالِ غَيْرِهِ بِالْبَاطِلِ وَأَكْلُ مَالِ نَفْسِهِ بِالْبَاطِلِ إنْفَاقُهُ فِي مَعَاصِي اللَّهِ وَأَكْلُ مَالِ الْغَيْرِ بِالْبَاطِلِ قَدْ قِيلَ فِيهِ وَجْهَانِ أَحَدُهُمَا مَا قَالَ السُّدِّيُّ وَهُوَ أَنْ يَأْكُلَ بِالرِّبَا وَالْقِمَارِ وَالْبَخْسِ وَالظُّلْمِ وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَالْحَسَنُ أَنْ يَأْكُلَهُ بِغَيْرِ عِوَضٍ فَلَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ كَانَ الرَّجُلُ يَتَحَرَّجُ أَنْ يَأْكُلَ عِنْدَ أَحَدٍ مِنْ النَّاسِ إلَى أَنْ نُسِخَ ذَلِكَ بِالْآيَةِ الَّتِي فِي النُّورِ لَيْسَ عَلَى الْأَعْمى حَرَجٌ- إلَى قَوْله تَعَالَى- وَلا عَلى أَنْفُسِكُمْ أَنْ تَأْكُلُوا مِنْ بُيُوتِكُمْ الْآيَةَ قَالَ أَبُو

نام کتاب : أحكام القرآن - ت قمحاوي نویسنده : الجصاص    جلد : 3  صفحه : 127
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست