responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : أحكام القرآن - ت قمحاوي نویسنده : الجصاص    جلد : 2  صفحه : 61
حَتَّى تَسْتَبْرِئَ بِحَيْضَةٍ
فَجَعَلَ وُجُودَ الْحَيْضِ عِلْمًا لِبَرَاءَةِ رَحِمِهَا مِنْ الْحَبَلِ فَثَبَتَ أَنَّ الْحَمْلَ والحيض لا يجتمعا وَمَتَى حَمَلَتْ الْمَرْأَةُ وَهِيَ حَائِضٌ ارْتَفَعَ الْحَيْضُ ولا يكون الدم الموجود من الْحَبَلِ حَيْضًا وَإِنَّمَا يَكُونُ دَمَ اسْتِحَاضَةٍ وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ فَقَوْلُك إنَّ خُرُوجَهَا مِنْ الْحَيْضِ إلَى الطُّهْرِ لَا دَلَالَةَ فِيهِ عَلَى بَرَاءَةِ رَحِمِهَا قَوْلٌ خَطَأٌ وَأَمَّا اسْتِشْهَادُهُ بِقَوْلِ تَأَبَّطَ شَرًّا فَإِنَّهُ مِنْ الْعَجَائِبِ وَمَا عِلْمُ هَذَا الشَّاعِرِ الْجَاهِلِ بِذَلِكَ وَقَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى وَيَعْلَمُ ما فِي الْأَرْحامِ وقال تعالى عالِمُ الْغَيْبِ يَعْنِي أَنَّهُ اسْتَأْثَرَ بِعِلْمِ ذَلِكَ دُونَ خَلْقِهِ وَأَنَّ الْخَلْقَ لَا يَعْلَمُونَ مِنْهُ إلَّا مَا عَلَّمَهُمْ مَعَ دَلَالَةِ قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى انْتِفَاءِ اجْتِمَاعِ الْحَيْضِ وَالْحَبَلِ وَمَعَ ذَلِكَ فَإِنَّ مَا ذَكَرَهُ هَذَا الْقَائِلُ دَلَالَةٌ عَلَى صِحَّةِ قَوْلِنَا لِأَنَّهُ إذَا كَانَتْ الْعِدَّةُ بِالْأَقْرَاءِ إنَّمَا هِيَ لِاسْتِبْرَاءِ الرَّحِمِ مِنْ الْحَبَلِ وَالطُّهْرُ لَا اسْتِبْرَاءَ فِيهِ لِأَنَّ الْحَمْلَ طُهْرٌ وَجَبَ أَنْ يَكُونَ الِاعْتِبَارُ بِالْحَيْضِ الَّتِي هِيَ عِلْمٌ لِبَرَاءَةِ الرَّحِمِ مِنْ الْحَبَلِ إذْ لَيْسَ فِي الطُّهْرِ دَلَالَةٌ عَلَيْهِ وَيَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْعِدَّةَ بِالْأَقْرَاءِ اسْتِبْرَاءٌ أَنَّهَا لَوْ رَأَتْ الدَّمَ ثُمَّ ظَهَرَ بِهَا حَبَلٌ كَانَتْ الْعِدَّةُ هِيَ الْحَبَلُ فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ الْعِدَّةَ لِذَوَاتِ الْأَقْرَاءِ إنَّمَا هِيَ اسْتِبْرَاءٌ مِنْ الْحَبَلِ وَالِاسْتِبْرَاءُ مِنْ الْحَبَلِ إنَّمَا يَكُونُ بِالْحَيْضِ لَا بِالطُّهْرِ مِنْ وَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا أَنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ لِلصَّغِيرَةِ وَالْآيِسَةِ طُهْرٌ صَحِيحٌ وَلَيْسَ بِاسْتِبْرَاءٍ وَالْمَعْنَى الْآخَرُ أَنَّ الطُّهْرَ مُقَارِنٌ لِلْحَبَلِ فَدَلَّ عَلَى أَنَّ الِاسْتِبْرَاءَ لَا يَقَعُ بِمَا يُقَارِنُهُ وَإِنَّمَا يَقَعُ بِمَا يُنَافِيهِ وَهُوَ الْحَيْضُ فَيَكُونُ دَلَالَةً عَلَى بَرَاءَةِ رَحِمِهَا مِنْ الْحَبَلِ فَوَجَبَ أَنْ تَكُونَ الْعِدَّةُ بِالْحَيْضِ دُونَ الْأَطْهَارِ وَاحْتَجَّ مَنْ اعتبر الأطهار بقوله تعالى فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ
وَقَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِعُمَرَ حِينَ طَلَّقَ ابْنُهُ امْرَأَتَهُ حَائِضًا مُرْهُ فَلْيُرَاجِعْهَا ثُمَّ لِيَدَعْهَا حَتَّى تَطْهُرَ ثُمَّ لِيُطَلِّقْهَا إنْ شَاءَ فَتِلْكَ الْعِدَّةُ الَّتِي أَمَرَ اللَّهُ أَنْ تطلق بها النِّسَاءُ
قَالَ فَهَذَا يَدُلُّ مِنْ وَجْهَيْنِ عَلَى أَنَّهَا بِالْأَطْهَارِ أَحَدُهُمَا قَوْلُهُ بَعْدَ ذِكْرِهِ الطَّلَاقَ فِي الطُّهْرِ فَتِلْكَ الْعِدَّةُ الَّتِي أَمَرَ اللَّهُ أَنْ تُطَلَّقَ لَهَا النِّسَاءُ وَذَلِكَ إشَارَةٌ إلَى الطُّهْرِ دُونَ الْحَيْضِ فَدَلَّ عَلَى أَنَّ الْعِدَّةَ بِالْأَطْهَارِ دُونَ الْحَيْضِ وَالثَّانِي قَوْله تَعَالَى وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ وَذَلِكَ عَقِيبَ الطَّلَاقِ فِي الطُّهْرِ فَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ الْمُحْصَى هُوَ بَقِيَّةَ الطُّهْرِ وَهُوَ الَّذِي يَلِي الطَّلَاقَ فَيُقَالُ لَهُ أَمَّا قَوْلُك فَتِلْكَ الْعِدَّةُ الَّتِي أَمَرَ اللَّهُ أَنْ تَطْلُقَ لَهَا النِّسَاءُ فَإِنَّ اللَّامَ قَدْ تَدْخُلُ فِي ذَلِكَ لِحَالٍ مَاضِيَةٍ وَمُسْتَقْبَلَةٍ أَلَا تَرَى إلَى
قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صُومُوا لِرُؤْيَتِهِ
يَعْنِي لِرُؤْيَةٍ مَاضِيَةٍ وَقَالَ تَعَالَى وَمَنْ أَرادَ الْآخِرَةَ وَسَعى لَها سَعْيَها يعنى الآخرة فاللام هاهنا لِلِاسْتِقْبَالِ وَالتَّرَاخِي وَيَقُولُونَ تَأَهَّبَ لِلشِّتَاءِ يَعْنِي وَقْتًا مستقبلا

نام کتاب : أحكام القرآن - ت قمحاوي نویسنده : الجصاص    جلد : 2  صفحه : 61
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست