responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : أحكام القرآن - ت قمحاوي نویسنده : الجصاص    جلد : 2  صفحه : 355
خِفَّةُ الْحِلْمِ وَلِذَلِكَ سُمِّيَ الْفَاسِقُ سَفِيهًا لِأَنَّهُ لَا وَزْنَ لَهُ عِنْدَ أَهْلِ الدِّينِ وَالْعِلْمِ وَيُسَمَّى النَّاقِصُ الْعَقْلِ سَفِيهًا لِخِفَّةِ عَقْلِهِ وَلَيْسَ السَّفَهُ فِي هَؤُلَاءِ صِفَةَ ذَمٍّ وَلَا يُفِيدُ مَعْنَى الْعِصْيَانِ لِلَّهِ تَعَالَى وَإِنَّمَا سُمُّوا سُفَهَاءَ لخفة عقولهم ونقصان تميزهم عَنْ الْقِيَامِ بِحِفْظِ الْمَالِ فَإِنْ قِيلَ لَا خِلَافَ أَنَّهُ جَائِزٌ أَنْ نَهَبَ النِّسَاءَ وَالصِّبْيَانَ الْمَالَ وَقَدْ أَرَادَ بَشِيرٌ أَنْ يَهَبَ لِابْنِهِ النُّعْمَانِ فَلَمْ يَمْنَعْهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْهُ إلَّا لِأَنَّهُ لَمْ يُعْطِ سَائِرَ بَنِيهِ مِثْلَهُ فَكَيْفَ يَجُوزُ حَمْلُ الْآيَةِ عَلَى مَنْعِ إعْطَاءِ السُّفَهَاءِ أَمْوَالَنَا قِيلَ لَهُ لَيْسَ الْمَعْنَى فِيهِ التَّمْلِيكَ وَهِبَةَ الْمَالِ وَإِنَّمَا الْمَعْنَى فِيهِ أَنْ نَجْعَلَ الْأَمْوَالَ فِي أَيْدِيهِمْ وَهُمْ غَيْرُ مُضْطَلِعِينَ بِحِفْظِهَا وَجَائِزٌ لِلْإِنْسَانِ أَنْ يَهَبَ الصَّغِيرَ وَالْمَرْأَةَ كَمَا يَهَبُ الْكَبِيرَ الْعَاقِلَ وَلَكِنَّهُ يَقْبِضُهُ لَهُ مَنْ يَلِي عَلَيْهِ وَيَحْفَظُ مَالَهُ وَلَا يُضَيِّعُهُ وَإِنَّمَا مَنَعَنَا اللَّهُ تَعَالَى بِالْآيَةِ أَنْ نَجْعَلَ أَمْوَالَنَا فِي أَيْدِي الصِّغَارِ وَالنِّسَاءِ اللاتي لَا يَكْمُلْنَ بِحِفْظِهَا وَتَدْبِيرِهَا وَقَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ وَارْزُقُوهُمْ فِيها وَاكْسُوهُمْ يَعْنِي وَارْزُقُوهُمْ مِنْ هَذِهِ الْأَمْوَالِ لِأَنَّ فِي هاهنا بِمَعْنَى مِنْ إذْ كَانَتْ حُرُوفُ الصِّفَاتِ تَتَعَاقَبُ فيقام بَعْضُهَا مَقَامَ بَعْضٍ كَمَا قَالَ تَعَالَى وَلا تَأْكُلُوا أَمْوالَهُمْ إِلى أَمْوالِكُمْ وَهُوَ بِمَعْنَى مَعَ فَنَهَانَا اللَّهُ عَنْ دَفْعِ الْأَمْوَالِ إلَى السُّفَهَاءِ الَّذِينَ لَا يَقُومُونَ بِحِفْظِهَا وأمرنا
بأن نرزقهم منها ونكسوهم فإن قيل كَانَ مُرَادُ الْآيَةِ النَّهْيَ عَنْ إعْطَائِهِمْ مَالَنَا عَلَى مَا اقْتَضَى ظَاهِرُهَا فَفِي ذَلِكَ دَلِيلٌ عَلَى وُجُوبِ نَفَقَةِ الْأَوْلَادِ السُّفَهَاءِ وَالزَّوْجَاتِ لِأَمْرِهِ إيَّانَا بِالْإِنْفَاقِ عَلَيْهِمْ مِنْ أَمْوَالِنَا وَإِنْ كَانَ تَأْوِيلُهَا مَا ذَهَبَ إلَيْهِ الْقَائِلُونَ بِأَنَّ مُرَادَهَا أَنْ لَا نُعْطِيَهُمْ أَمْوَالَهُمْ وَهُمْ سُفَهَاءُ فَإِنَّمَا فِيهِ الْأَمْرُ بِالْإِنْفَاقِ عَلَيْهِمْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى الْحَجْرِ مِنْ وَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا مَنْعُهُمْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ وَالثَّانِي إجَازَتُهُ تَصَرُّفَنَا عَلَيْهِمْ فِي الْإِنْفَاقِ عَلَيْهِمْ وَشِرَى أَقْوَاتِهِمْ وَكِسْوَتِهِمْ وقَوْله تَعَالَى وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلًا مَعْرُوفاً قال مجاهد وابن جريج قولا معروفا عِدَةً جَمِيلَةً بِالْبِرِّ وَالصِّلَةِ عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي يَجُوزُ وَيَحْسُنُ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُرِيدَ بِهِ إجْمَالَ الْمُخَاطَبَةِ لَهُمْ وَإِلَانَةَ الْقَوْلِ فِيمَا يُخَاطَبُونَ بِهِ كقوله تعالى فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلا تَقْهَرْ وَكَقَوْلِهِ وَإِمَّا تُعْرِضَنَّ عَنْهُمُ ابْتِغاءَ رَحْمَةٍ مِنْ رَبِّكَ تَرْجُوها فَقُلْ لَهُمْ قَوْلًا مَيْسُوراً وَقَدْ قِيلَ إنَّهُ جَائِزٌ أَنْ يَكُونَ الْقَوْلُ المعروف هاهنا التَّأْدِيبَ وَالتَّنْبِيهَ عَلَى الرُّشْدِ وَالصَّلَاحِ وَالْهِدَايَةِ لِلْأَخْلَاقِ الْحَسَنَةِ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُرِيدَ بِهِ إذَا أَعْطَيْتُمُوهُمْ الرزق والكسوة من أموالكم أن تجعلوا لَهُمْ الْقَوْلَ وَلَا تُؤْذُوهُمْ بِالتَّذَمُّرِ عَلَيْهِمْ وَالِاسْتِخْفَافِ بِهِمْ كَمَا قَالَ تَعَالَى وَإِذا حَضَرَ الْقِسْمَةَ أُولُوا الْقُرْبى وَالْيَتامى وَالْمَساكِينُ فَارْزُقُوهُمْ مِنْهُ وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلًا

نام کتاب : أحكام القرآن - ت قمحاوي نویسنده : الجصاص    جلد : 2  صفحه : 355
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست