responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : أحكام القرآن - ت قمحاوي نویسنده : الجصاص    جلد : 2  صفحه : 306
عُمُومُهُ الْقِصَاصَ فِي الْحَرَمِ عَلَى مَنْ جَنَى فِيهِ أَوْ فِي غَيْرِهِ قِيلَ لَهُ قَدْ دَلَّلْنَا عَلَى أَنَّ قَوْلَهُ وَمَنْ دَخَلَهُ كانَ آمِناً قَدْ اقْتَضَى وُقُوعَ الْأَمْنِ مِنْ الْقَتْلِ بِجِنَايَةٍ كَانَتْ مِنْهُ فِي غَيْرِهِ وَقَوْلُهُ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصاصُ وَسَائِرُ الْآيِ الْمُوجِبَةِ لِلْقِصَاصِ مُرَتَّبٌ عَلَى مَا ذَكَرْنَا مِنْ الْأَمْنِ بِدُخُولِ الْحَرَمِ وَيَكُونُ ذَلِكَ مَخْصُوصًا مِنْ آيِ الْقِصَاصِ وَأَيْضًا فَإِنَّ قَوْله تعالى كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصاصُ وَارِدٌ فِي إيجَابِ الْقِصَاصِ لَا فِي حُكْمِ الحرم وقوله وَمَنْ دَخَلَهُ كانَ آمِناً وَارِدٌ فِي حُكْمِ الْحَرَمِ وَوُقُوعِ الْأَمْنِ لِمَنْ لَجَأَ إلَيْهِ فَيُجْرَى كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى بَابِهِ وَيُسْتَعْمَلُ فِيمَا وَرَدَ فِيهِ وَلَا يَعْتَرِضُ بِآيِ الْقِصَاصِ عَلَى حُكْمِ الْحَرَمِ وَمِنْ جِهَةٍ أُخْرَى أَنَّ إيجَابَ الْقِصَاصِ لَا مَحَالَةَ مُتَقَدِّمٌ لِإِيجَابِ أَمَانِهِ بِالْحَرَمِ لِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يَكُنْ الْقِصَاصُ وَاجِبًا قَبْلَ ذَلِكَ اسْتَحَالَ أَنْ يُقَالَ هو آمن مما لَمْ يَجْنِ وَلَمْ يُسْتَحَقَّ عَلَيْهِ فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ الْحُكْمَ بِأَمْنِهِ بِدُخُولِ الْحَرَمِ مُتَأَخِّرٌ عَنْ إيجَابِ الْقِصَاصِ وَمِنْ جِهَةِ الْأَثَرِ
حَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ وَأَبِي شُرَيْحٍ الْكَعْبِيِّ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إنَّ اللَّهَ حَرَّمَ مَكَّةَ وَلَمْ تَحِلَّ لِأَحَدٍ قَبْلِي وَلَا لِأَحَدٍ بَعْدِي وَإِنَّمَا أُحِلَّتْ لِي سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ
فَظَاهِرُ ذَلِكَ يَقْتَضِي حَظْرَ قَتْلِ اللَّاجِئِ إلَيْهِ وَالْجَانِي فِيهِ إلَّا أَنَّ الْجَانِيَ فِيهِ لَا خِلَافَ فِيهِ أَنَّهُ يُؤْخَذُ بِجِنَايَتِهِ فَبَقِيَ حُكْمُ اللَّفْظِ فِي الْجَانِي إذَا لَجَأَ إلَيْهِ
وَرَوَى حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ حَبِيبٍ الْمُعَلِّمِ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ إنَّ أَعْتَى النَّاسِ عَلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ رَجُلٌ قَتَلَ غَيْرَ قَاتِلِهِ أَوْ قَتَلَ فِي الْحَرَمِ أَوْ قَتَلَ بِذَحْلِ الْجَاهِلِيَّةِ
وَهَذَا أَيْضًا يَحْظُرُ عُمُومُهُ قَتْلَ كُلِّ مَنْ كَانَ فِيهِ فَلَا يُخَصُّ مِنْهُ شَيْءٌ إلَّا بِدَلَالَةٍ وَأَمَّا مَا دُونَ النَّفْسِ فَإِنَّهُ يُؤْخَذُ بِهِ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ فَلَجَأَ إلَى الْحَرَمِ حُبِسَ بِهِ
لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيُّ الْوَاجِدِ يُحِلُّ عِرْضَهُ وَعُقُوبَتَهُ وَالْحَبْسُ فِي الدَّيْنِ عُقُوبَةٌ فَجَعَلَ الْحَبْسَ عُقُوبَةً وَهُوَ فِيمَا دُونَ النَّفْسِ
فَكُلُّ حَقٍّ وَجَبَ فِيمَا دُونَ النَّفْسِ أُخِذَ بِهِ وَإِنْ لَجَأَ إلَى الْحَرَمِ قِيَاسًا عَلَى الْحَبْسِ فِي الدَّيْنِ وَأَيْضًا لَا خِلَافَ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ أَنَّهُ مَأْخُوذٌ بِمَا يَجِبُ عَلَيْهِ فِيمَا دُونَ النَّفْسِ وَكَذَلِكَ لَا خِلَافَ أَنَّ الْجَانِيَ فِي الْحَرَمِ مَأْخُوذٌ بِجِنَايَتِهِ فِي النَّفْسِ وَمَا دُونَهَا وَلَا خِلَافَ أَيْضًا أَنَّهُ إذَا جَنَى فِي غَيْرِ الْحَرَمِ ثُمَّ دَخَلَ الْحَرَمَ أَنَّهُ إذَا لَمْ يَجِبْ قَتْلُهُ فِي الْحَرَمِ أَنَّهُ لَا يُبَايَعُ وَلَا يُشَارَى وَلَا يُؤْوَى حَتَّى يَخْرُجَ وَلَمَّا ثَبَتَ عِنْدَنَا أَنَّهُ لَا يُقْتَلُ وَجَبَ اسْتِعْمَالُ الْحُكْمِ الْآخَرِ فِيهِ فِي تَرْكِ مُشَارَاتِهِ وَمُبَايَعَتِهِ وَإِيوَائِهِ فَهَذِهِ الْوُجُوهُ كُلُّهَا لَا خِلَافَ فِيهَا وَإِنَّمَا الْخِلَافُ فِيمَنْ جَنَى فِي غَيْرِ الْحَرَمِ ثُمَّ لَجَأَ إلَى الْحَرَمِ وَقَدْ دَلَّلْنَا عَلَيْهِ وَمَا عَدَا ذَلِكَ فَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى مَا حَصَلَ عليه الاتفاق

نام کتاب : أحكام القرآن - ت قمحاوي نویسنده : الجصاص    جلد : 2  صفحه : 306
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست