responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : أحكام القرآن - ت قمحاوي نویسنده : الجصاص    جلد : 2  صفحه : 274
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَداءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلى أَنْفُسِكُمْ فَنَهَى اللَّهُ تَعَالَى الشَّاهِدَ بِهَذِهِ الْآيَاتِ عَنْ كِتْمَانِ الشَّهَادَةِ الَّتِي تَرَكَهَا يُؤَدِّي إلَى تَضْيِيعِ الحقوق وهو على ما بيننا مِنْ إثْبَاتِ الشَّهَادَةِ فِي كُتُبِ الْوَثَائِقِ وَأَدَائِهَا بَعْدَ إثْبَاتِهَا فَرْضٌ عَلَى الْكِفَايَةِ فَإِذَا لَمْ يَكُنْ مَنْ يَشْهَدُ عَلَى الْحَقِّ غَيْرَ هَذَيْنِ الشَّاهِدَيْنِ فَقَدْ تَعَيَّنَ عَلَيْهِمَا فَرْضُ أَدَائِهَا وَيَلْحَقُهُمَا إنْ تَخَلَّفَا عَنْهَا الْوَعِيدُ الْمَذْكُورُ فِي الْآيَةِ وَقَدْ كَانَ نَهْيُهُ عَنْ الْكِتْمَانِ مُفِيدًا لِوُجُوبِ أَدَائِهَا وَلَكِنَّهُ تَعَالَى أَكَّدَ الْفَرْضَ فِيهَا بِقَوْلِهِ وَمَنْ يَكْتُمْها فَإِنَّهُ آثِمٌ قَلْبُهُ وَإِنَّمَا أَضَافَ الْإِثْمَ إلَى الْقَلْبِ وَإِنْ كَانَ فِي الْحَقِيقَةِ الْكَاتِمُ هُوَ الْآثِمُ لِأَنَّ الْمَأْثَمَ فِيهِ إنَّمَا يَتَعَلَّقُ بِعَقْدِ الْقَلْبِ وَلِأَنَّ كِتْمَانَ الشَّهَادَةِ إنَّمَا هُوَ عَقْدُ النِّيَّةِ لِتَرْكِ أَدَائِهَا بِاللِّسَانِ فَعَقْدُ النِّيَّةِ مِنْ أَفْعَالِ الْقَلْبِ لَا نَصِيبَ لِلْجَوَارِحِ فِيهِ وَقَدْ انْتَظَمَ الْكَاتِمُ لِلشَّهَادَةِ الْمَأْثَمَ مِنْ وَجْهَيْنِ أَحَدِهِمَا عَزْمِهِ عَلَى أَنْ لَا يُؤَدِّيَهَا وَالثَّانِي تَرْكِ أَدَائِهَا بِاللِّسَانِ وَقَوْلُهُ آثِمٌ قَلْبُهُ مَجَازٌ لَا حَقِيقَةٌ وَهُوَ آكَدُ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ مِنْ الْحَقِيقَةِ لَوْ قَالَ وَمَنْ يَكْتُمْهَا فَإِنَّهُ آثِمٌ وَأَبْلَغُ مِنْهُ وَأَدَلُّ عَلَى الْوَعِيدِ مِنْ بَدِيعِ الْبَيَانِ وَلَطِيفِ الْإِعْرَابِ عَنْ الْمَعَانِي تَعَالَى اللَّهُ الْحَكِيمُ قَالَ أَبُو بَكْرٍ وَآيَةُ الدين بما فيه مِنْ ذِكْرِ الِاحْتِيَاطِ بِالْكِتَابِ وَالشُّهُودِ الْمَرْضِيِّينَ وَالرَّهْنُ تَنْبِيهٌ عَلَى مَوْضِعِ صَلَاحِ الدِّينِ وَالدُّنْيَا مَعَهُ فَأَمَّا فِي الدُّنْيَا فَصَلَاحُ ذَاتِ الْبَيْنِ وَنَفْيُ التَّنَازُعِ وَالِاخْتِلَافِ وَفِي التَّنَازُعِ وَالِاخْتِلَافِ فَسَادُ ذَاتِ الْبَيْنِ وَذَهَابُ الدِّينِ وَالدُّنْيَا قَالَ اللَّهُ عَزَّ وجل وَلا تَنازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَذَلِكَ أَنَّ الْمَطْلُوبَ إذَا عَلِمَ أَنَّ عَلَيْهِ دينا وشهودا وكتابا ورهنا بِمَا عَلَيْهِ وَثِيقَةٌ فِي يَدِ الطَّالِبِ قَلَّ الخلاف علمنا مِنْهُ أَنَّ خِلَافَهُ وَبَخْسَهُ لِحَقِّ الْمَطْلُوبِ لَا يَنْفَعُهُ بَلْ يَظْهَرُ كَذِبُهُ بِشَهَادَةِ الشُّهُودِ عَلَيْهِ وَفِيهِ وَثِيقَةٌ وَاحْتِيَاطٌ لِلطَّالِبِ وَفِي ذَلِكَ صَلَاحٌ لَهُمَا جَمِيعًا فِي دِينِهِمَا وَدُنْيَاهُمَا لِأَنَّ فِي تَرْكِهِ بَخْسَ حَقِّ الطَّالِبِ صَلَاحَ دِينِهِ وَفِي جُحُودِهِ وَبَخْسِهِ ذَهَابَ دِينِهِ إذَا عَلِمَ وُجُوبَهُ وَكَذَلِكَ الطَّالِبُ إذَا كَانَتْ لَهُ بَيِّنَةٌ وَشُهُودٌ أثبتوا ماله وَإِذَا لَمْ تَكُنْ لَهُ بَيِّنَةٌ وَجَحَدَ الطَّالِبُ حَمَلَهُ ذَلِكَ عَلَى مُقَابَلَتِهِ بِمِثْلِهِ وَالْمُبَالَغَةِ فِي كَيْدِهِ حَتَّى رُبَّمَا لَمْ يَرْضَ بِمِقْدَارِ حَقِّهِ دُونَ الْإِضْرَارِ بِهِ فِي أَضْعَافِهِ مَتَى أَمْكَنَهُ وَذَلِكَ مُتَعَالَمٌ مِنْ أَحْوَالِ عَامَّةِ النَّاسِ وَهَذَا نَظِيرُ مَا حَرَّمَهُ اللَّهُ تَعَالَى عَلَى لِسَانِ نَبِيِّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ الْبِيَاعَاتِ المجهولة القدر والآجال المجهولة والأمور التي كانت عَلَيْهَا النَّاسُ قَبْلَ مَبْعَثِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلّم مما كان يؤدى إلى الإختلاف وَفَسَادِ ذَاتِ الْبَيْنِ وَإِيقَاعِ الْعَدَاوَةِ وَالْبَغْضَاءِ وَنَحْوِهِ مِمَّا حَرَّمَ اللَّهُ تَعَالَى مِنْ الْمَيْسِرِ وَالْقِمَارِ وَشُرْبِ الْخَمْرِ وَمَا يُسْكِرُ فَيُؤَدِّي إلَى

نام کتاب : أحكام القرآن - ت قمحاوي نویسنده : الجصاص    جلد : 2  صفحه : 274
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست