responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : أحكام القرآن - ت قمحاوي نویسنده : الجصاص    جلد : 2  صفحه : 214
لِيَقْتُلْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا وَهَذَا الَّذِي ذَكَرَهُ هَذَا الْقَائِلُ عُدُولٌ عَنْ حَقِيقَةِ اللَّفْظِ وَظَاهِرِهِ بِغَيْرِ دَلَالَةٍ لِأَنَّ قَوْله تَعَالَى وَلا تُؤْتُوا السُّفَهاءَ أَمْوالَكُمُ يَشْتَمِلُ عَلَى فَرِيقَيْنِ مِنْ النَّاسِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مُمَيَّزٌ فِي اللَّفْظِ مِنْ الْآخَرِ وَأَحَدُ الْفَرِيقَيْنِ هُمْ الْمُخَاطَبُونَ بِقَوْلِهِ تَعَالَى وَلا تُؤْتُوا السُّفَهاءَ أَمْوالَكُمُ وَالْفَرِيقُ الْآخَرُ السُّفَهَاءُ الْمَذْكُورُونَ مَعَهُمْ فَلَمَّا قَالَ تعالى أَمْوالَكُمُ وَجَبَ أَنْ يَنْصَرِفَ ذَلِكَ إلَى أَمْوَالِ الْمُخَاطَبِينَ دُونَ السُّفَهَاءِ وَغَيْرُ جَائِزٍ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ السُّفَهَاءَ لِأَنَّ السُّفَهَاءَ لَمْ يَتَوَجَّهْ الْخِطَابُ إلَيْهِمْ بِشَيْءٍ وَإِنَّمَا تَوَجَّهَ إلَى الْعُقَلَاءِ الْمُخَاطَبِينَ وَلَيْسَ ذلك كقوله تعالى فَاقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ وقوله تعالى وَلا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ لِأَنَّ الْقَاتِلِينَ وَالْمَقْتُولِينَ قَدْ انْتَظَمَهُمْ خِطَابٌ وَاحِدٌ لَمْ يَتَمَيَّزْ أَحَدُ الْفَرِيقَيْنِ مِنْ الْآخَرِ فِي حُكْمِ الْمُخَاطَبَةِ فَلِذَلِكَ جَازَ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ فَلْيَقْتُلْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا وَقَدْ قِيلَ أَنَّ أَصْلَ السَّفَهِ الْخِفَّةُ وَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُ الشَّاعِرِ:
مَشَيْنَ كَمَا اهْتَزَّتْ رِمَاحٌ تَسَفَّهَتْ ... أَعَالِيهَا مَرُّ الرِّيَاحِ النَّوَاسِمِ
يَعْنِي اسْتَخَفَّتْهَا الرِّيَاحُ وَقَالَ آخَرُ.
نَخَافُ أَنْ تَسْفَهَ أَحْلَامَنَا ... فَنَحْمِلَ الدَّهْرَ مَعَ الْحَامِلِ
أَيْ تُخَفَّ أَحْلَامُنَا وَيُسَمَّى الْجَاهِلُ سَفِيهًا لِأَنَّهُ خَفِيفُ الْعَقْلِ نَاقِصُهُ فَمَعْنَى الْجَهْلِ شَامِلٌ لِجَمِيعِ من أطلق اسْمُ السَّفِيهِ وَالسَّفِيهُ فِي أَمْرِ الدِّينِ هُوَ الْجَاهِلُ فِيهِ وَالسَّفِيهُ فِي الْمَالِ هُوَ الْجَاهِلُ لَحِفْظِهِ وَتَدْبِيرِهِ وَالنِّسَاءُ وَالصِّبْيَانُ أُطْلِقَ عَلَيْهِمْ اسْمُ السُّفَهَاءِ لِجَهْلِهِمْ وَنُقْصَانِ تَمْيِيزِهِمْ وَالسَّفِيهُ فِي رَأْيِهِ الْجَاهِلُ فِيهِ وَالْبَذِيُّ اللِّسَانِ يُسَمَّى سَفِيهًا لِأَنَّهُ لا يكاد يتفق إلَّا فِي جُهَّالِ النَّاسِ وَمَنْ كَانَ خَفِيفَ الْعَقْلِ مِنْهُمْ وَإِذَا كَانَ اسْمُ السَّفِيهِ يَنْتَظِمُ هَذِهِ الْوُجُوهَ رَجَعْنَا إلَى مُقْتَضَى لَفْظِ الْآيَةِ فِي قَوْله تَعَالَى فَإِنْ كانَ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ سَفِيهاً فَاحْتَمَلَ أَنْ يُرِيدَ بِهِ الْجَهْلَ بِإِمْلَاءِ الشَّرْطِ وَإِنْ كَانَ عَاقِلًا مُمَيِّزًا غَيْرَ مُبَذِّرٍ وَلَا مُفْسِدٍ وَأَجَازَ لِوَلِيِّ الْحَقِّ أَنْ يُمْلِيَهُ حَتَّى يُقِرَّ بِهِ السَّفِيهُ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ وَيَكُونُ ذَلِكَ أَوْلَى بِمَعْنَى الْآيَةِ لِأَنَّ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ هُوَ الْمَذْكُورُ فِي أَوَّلِ الْآيَةِ بِالْمُدَايَنَةِ وَلَوْ كَانَ مَحْجُورًا عَلَيْهِ لَمَا جَازَتْ مُدَايَنَتُهُ وَمِنْ جِهَةٍ أُخْرَى أَنَّ وَلِيَّ الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ لَا يَجُوزُ إقْرَارُهُ عَلَيْهِ بِالدَّيْنِ وَإِنَّمَا يَجُوزُ عَلَى قَوْلِ مَنْ يَرَى الْحَجْرَ أَنْ يَتَصَرَّفَ عَلَيْهِ الْقَاضِي بِبَيْعٍ أَوْ شِرًى فَأَمَّا وَلِيُّهُ فَلَا نَعْلَمُ أَحَدًا يُجِيزُ تَصَرُّفَ أَوْلِيَائِهِ عَلَيْهِ وَلَا إقْرَارَهُمْ وَفِي ذَلِكَ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يُرِدْ وَلِيَّ السَّفِيهِ وَإِنَّمَا أَرَادَ وَلِيَّ الدين

نام کتاب : أحكام القرآن - ت قمحاوي نویسنده : الجصاص    جلد : 2  صفحه : 214
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست