responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : أحكام القرآن - ت قمحاوي نویسنده : الجصاص    جلد : 1  صفحه : 72
لِمَعْنَى الْهُزْءِ وَإِنْ احْتَمَلَ الِانْتِظَارَ وَمِثْلُهُ مَوْجُودٌ فِي اللُّغَةِ أَلَا تَرَى أَنَّ اسْمَ الْوَعْدِ يُطْلَقُ عَلَى الْخَيْرِ وَالشَّرِّ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى [النَّارُ وَعَدَهَا اللَّهُ الَّذِينَ كَفَرُوا] وقال تعالى [ذلِكَ وَعْدٌ غَيْرُ مَكْذُوبٍ] وَمَتَى أُطْلِقَ عُقِلَ بِهِ الْخَيْرُ دُونَ الشَّرِّ فكذلك قوله راعنا فِيهِ احْتِمَالُ الْأَمْرَيْنِ وَعِنْدَ الْإِطْلَاقِ يَكُونُ بِالْهُزْءِ أَخُصَّ مِنْهُ بِالِانْتِظَارِ وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ كُلَّ لَفْظٍ احْتَمَلَ الْخَيْرَ وَالشَّرَّ فَغَيْرُ جَائِزٍ إطْلَاقُهُ حَتَّى يُقَيَّدَ بِمَا يُفِيدُ الْخَيْرَ وَيَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْهُزْءَ مَحْظُورٌ فِي الدِّينِ وَكَذَلِكَ اللَّفْظُ الْمُحْتَمِلُ لَهُ وَلِغَيْرِهِ هُوَ مَحْظُورٌ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ بِمَعَانِي كِتَابِهِ.

بَابُ فِي نَسْخِ الْقُرْآنِ بِالسُّنَّةِ وَذِكْرُ وُجُوهِ النَّسْخِ
قَالَ اللَّهُ تَعَالَى [مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِها نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْها أَوْ مِثْلِها] قَالَ قَائِلُونَ النَّسْخُ هُوَ الْإِزَالَةُ وَقَالَ آخَرُونَ هُوَ الْإِبْدَالُ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى [فَيَنْسَخُ اللَّهُ ما يُلْقِي الشَّيْطانُ] أَيْ يُزِيلُهُ وَيُبْطِلُهُ وَيُبَدِّلُ مَكَانَهُ آيَاتٍ مُحْكَمَاتٍ وَقِيلَ هُوَ النَّقْلُ مِنْ قَوْلِهِ [إِنَّا كُنَّا نَسْتَنْسِخُ ما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ] وَهَذَا الِاخْتِلَافُ إنَّمَا هُوَ فِي مَوْضُوعِهِ فِي أَصْلِ اللُّغَةِ وَمَهْمَا كَانَ فِي أَصْلِ اللُّغَةِ مَعْنَاهُ فَإِنَّهُ فِي إطْلَاقِ الشَّرْعِ إنَّمَا هُوَ بَيَانُ مُدَّةِ الْحُكْمِ وَالتِّلَاوَةِ وَالنَّسْخُ قَدْ يَكُونُ فِي التِّلَاوَةِ مَعَ بَقَاءِ الْحُكْمِ وَيَكُونُ فِي الْحُكْمِ مَعَ بَقَاءِ التِّلَاوَةِ دُونَ غَيْرِهِ قَالَ أَبُو بَكْرٍ زَعَمَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ مِنْ غَيْرِ أَهْلِ الْفِقْهِ أَنَّهُ لَا نَسْخَ فِي شَرِيعَةِ نَبِيّنَا مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنَّ جَمِيعَ مَا ذُكِرَ فِيهَا مِنْ النَّسْخِ فَإِنَّمَا الْمُرَادُ بِهِ نَسْخُ شَرَائِعِ الْأَنْبِيَاءِ الْمُتَقَدِّمِينَ كَالسَّبْتِ وَالصَّلَاةِ إلَى الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ قَالَ لِأَنَّ نَبِيَّنَا صلّى الله عليه وسلم آخِرُ الْأَنْبِيَاءِ وَشَرِيعَتَهُ ثَابِتَةٌ بَاقِيَةٌ إلَى أَنْ تَقُومَ السَّاعَةُ وَقَدْ كَانَ هَذَا الرَّجُلُ ذَا حَظٍّ مِنْ الْبَلَاغَةِ وَكَثِيرٍ مِنْ عِلْمِ اللُّغَةِ غَيْرَ مَحْظُوظٍ مِنْ عِلْمِ الْفِقْهِ وَأُصُولِهِ وَكَانَ سَلِيمَ الِاعْتِقَادِ غَيْرَ مَظْنُونٍ بِهِ غَيْرَ ظَاهِرٍ أَمْرُهُ وَلَكِنَّهُ بَعُدَ مِنْ التَّوْفِيقِ بِإِظْهَارِ هَذِهِ الْمَقَالَةِ إذْ لَمْ يَسْبِقْهُ إلَيْهَا أَحَدٌ بَلْ قَدْ عَقَلَتْ الْأُمَّةُ سَلَفَهَا وَخَلَفَهَا مِنْ دِينِ اللَّهِ وَشَرِيعَتِهِ نَسْخَ كَثِيرٍ مِنْ شَرَائِعِهِ وَنُقِلَ ذَلِكَ إلَيْنَا نَقْلًا لَا يَرْتَابُونَ بِهِ وَلَا يجيزون فيه التأويل كما عَقَلَتْ أَنَّ فِي الْقُرْآنِ عَامًّا وَخَاصًّا وَمُحْكَمًا وَمُتَشَابِهًا فَكَانَ دَافِعُ وُجُودِ النَّسْخِ فِي الْقُرْآنِ وَالسَّنَةِ كَدَافِعِ خَاصِّهِ وَعَامِّهِ وَمُحْكَمِهِ وَمُتَشَابِهِهِ إذْ كَانَ وُرُودُ الْجَمِيعِ وَنَقْلُهُ عَلَى وَجْهٍ وَاحِدٍ فَارْتَكَبَ هَذَا الرَّجُلُ فِي الْآيِ الْمَنْسُوخَةِ وَالنَّاسِخَةِ وَفِي أَحْكَامِهَا أُمُورًا خَرَجَ بِهَا عَنْ أَقَاوِيلِ الْأُمَّةِ مَعَ تَعَسُّفِ الْمَعَانِي وَاسْتِكْرَاهِهَا وَمَا أَدْرِي مَا الَّذِي أَلْجَأَهُ إلَى ذَلِكَ وَأَكْثَرُ ظَنِّي فِيهِ أَنَّهُ إنَّمَا أَتَى بِهِ مِنْ قِلَّةِ عِلْمِهِ بِنَقْلِ النَّاقِلِينَ لِذَلِكَ وَاسْتِعْمَالِ رَأْيِهِ فِيهِ مِنْ غَيْرِ مَعْرِفَةٍ مِنْهُ بِمَا قَدْ قَالَ السلف

نام کتاب : أحكام القرآن - ت قمحاوي نویسنده : الجصاص    جلد : 1  صفحه : 72
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست