responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : أحكام القرآن - ت قمحاوي نویسنده : الجصاص    جلد : 1  صفحه : 49
قَالَ لَوْ أَنَّ الْيَهُودَ تَمَنَّوْا الْمَوْتَ لَمَاتُوا أو لرأوا مَقَاعِدَهُمْ مِنْ النَّار
وَلَوْ خَرَجَ الَّذِينَ يُبَاهِلُونَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَرَجَعُوا لَا يَجِدُونَ أَهْلًا وَلَا مَالًا وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ لَوْ تَمَنَّوْا الْمَوْتَ لِشُرِّقُوا بِهِ وَلَمَاتُوا وَقِيلَ فِي تَمَنِّي الْمَوْتِ وَجْهَانِ أَحَدُهُمَا قَوْلُ ابْنُ عَبَّاسٍ أَنَّهُمْ تَحُدُّوا بِأَنْ يَدْعُوا بِالْمَوْتِ على أن الْفَرِيقَيْنِ كَانَ كَاذِبًا وَقَالَ أَبُو الْعَالِيَةَ وَقَتَادَةُ وَالرَّبِيعُ بْنُ أَنَسٍ لَمَّا قَالُوا لَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إلَّا مَنْ كَانَ هُودًا أَوْ نَصَارَى وَقَالُوا نَحْنُ أَبْنَاءُ اللَّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ قِيلَ لَهُمْ فَتَمَنَّوْا الْمَوْتَ فَمَنْ كَانَ بِهَذِهِ الصِّفَةِ فَالْمَوْتُ خَيْرٌ لَهُ مِنْ الْحَيَاةِ فِي الدُّنْيَا فَتَضَمَّنَتْ الْآيَةُ مَعْنَيَيْنِ أَحَدُهُمَا إظْهَارُ كَذِبِهِمْ وَتَبْكِيتِهِمْ بِهِ وَالثَّانِي الدَّلَالَةُ عَلَى نُبُوَّةِ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَذَلِكَ أَنَّهُ تَحَدَّاهُمْ بِذَلِكَ كَمَا أَمَرَ اللَّهُ تعالى بتحدى النَّصَارَى بِالْمُبَاهَلَةِ فَلَوْلَا عِلْمُهُمْ بِصِدْقِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَكَذِبِهِمْ لَسَارَعُوا إلَى تَمَنِّي الْمَوْتِ ولسارعت النَّصَارَى إلَى الْمُبَاهَلَةِ لَا سِيَّمَا وَقَدْ أَخْبَرَ الْفَرِيقَيْنِ أَنَّهُمْ لَوْ فَعَلُوا ذَلِكَ لَنَزَلَ الْمَوْتُ وَالْعَذَابُ بِهِمْ وَكَانَ يَكُونُ فِي إظْهَارِهِمْ التَّمَنِّي وَالْمُبَاهَلَةِ تَكْذِيبٌ لَهُ وَدَحْضٌ لِحُجَّتِهِ إذَا لَمْ يَنْزِلْ بِهِمْ مَا أَوْعَدَهُمْ فَلَمَّا أَحْجَمُوا عَنْ ذَلِكَ مَعَ التَّحَدِّي وَالْوَعِيدِ مَعَ سُهُولَةِ هَذَا الْقَوْلِ دَلَّ ذَلِكَ عَلَى عِلْمِهِمْ بِصِحَّةِ نُبُوَّتِهِ بِمَا عَرَفُوهُ مِنْ كُتُبِهِمْ مِنْ نَعْتِهِ وَصِفَتِهِ كَمَا
قَالَ تَعَالَى [وَلَنْ يَتَمَنَّوْهُ أَبَداً بِما قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ] فيه دَلَالَةٌ أُخْرَى عَلَى صِحَّةِ نُبُوَّتِهِ وَهُوَ إخْبَارُهُمْ أَنَّهُمْ لَا يَتَمَنَّوْنَ الْمَوْتَ مَعَ خِفَّةِ التَّمَنِّي وَسُهُولَتِهِ عَلَى الْمُتَلَفِّظِ وَسَلَامَةِ أَلْسِنَتِهِمْ فَكَانَ ذَلِكَ بِمَنْزِلَةِ لَوْ قَالَ لَهُمْ الدَّلَالَةُ عَلَى صِحَّةِ نُبُوَّتِي أَنَّ أَحَدًا مِنْكُمْ لَا يَمَسُّ رَأْسَهُ مَعَ صِحَّةِ جَوَارِحِهِ وَأَنَّهُ إنْ مَسَّ أَحَدٌ منكم رأسه فأنا مبطل فلا يمس أحدا مِنْهُمْ رَأْسَهُ مَعَ شِدَّةِ عَدَاوَتِهِمْ لَهُ وَحِرْصِهِمْ عَلَى تَكْذِيبِهِ وَمَعَ سَلَامَةِ أَعْضَائِهِمْ وَصِحَّةِ جَوَارِحِهِمْ فَيُعْلَمُ بِذَلِكَ أَنَّهُ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ تَعَالَى مِنْ وَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا أَنَّ عَاقِلًا لَا يَتَحَدَّى أعداء بِمِثْلِهِ مَعَ عِلْمِهِ بِجَوَازِ وُقُوعِ ذَلِكَ مِنْهُمْ وَالثَّانِي أَنَّهُ إخْبَارٌ بِالْغَيْبِ إذْ لَمْ يَتَمَنَّ وَاحِدٌ مِنْهُمْ الْمَوْتَ وَكَوْنُ مُخْبِرِهِ عَلَى مَا أَخْبَرَ بِهِ وَهَذَا كَقَوْلِهِ حِين تَحَدَّاهُمْ بِالْقُرْآنِ وَقَرَّعَهُمْ بِالْإِتْيَانِ بِسُورَةٍ مِثْلِهِ وَإِخْبَارِهِ أَنَّهُمْ لَا يَفْعَلُونَ بِقَوْلِهِ [فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا وَلَنْ تَفْعَلُوا] فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ إنَّهُمْ لَمْ يَتَمَنَّوْا لِأَنَّهُمْ لَوْ تَمَنَّوْا لَكَانَ ذَلِكَ ضَمِيرًا مُغَيَّبًا عِلْمُهُ عَنْ النَّاسِ وَكَانَ يُمْكِنُهُ أَنْ يَقُولَ إنَّكُمْ قَدْ تَمَنَّيْتُمْ بِقُلُوبِكُمْ قِيلَ لَهُ هَذَا يَبْطُلُ من وجهين أحدهما أن للمتمنى صِيغَةٌ مَعْرُوفَةٌ عِنْدَ الْعَرَبِ وَهُوَ قَوْلُ الْقَائِلِ لَيْتَ اللَّهَ غَفَرَ لِي وَلَيْتَ زَيْدًا قَدِمَ وَمَا جَرَى هَذَا الْمَجْرَى وَهُوَ أَحَدُ أَقْسَامِ الْكَلَامِ وَمَتَى قَالَ ذَلِكَ قَائِلٌ كَانَ ذَلِكَ عِنْدَهُمْ مُتَمَنِّيًا مِنْ غَيْرِ اعْتِبَارٍ لِضَمِيرِهِ وَاعْتِقَادِهِ كَقَوْلِهِمْ فِي الْخَبَرِ وَالِاسْتِخْبَارِ وَالنِّدَاءِ

نام کتاب : أحكام القرآن - ت قمحاوي نویسنده : الجصاص    جلد : 1  صفحه : 49
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست