responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : أحكام القرآن - ت قمحاوي نویسنده : الجصاص    جلد : 1  صفحه : 352
بالِغَ الْكَعْبَةِ]
وَذَلِكَ جَزَاءُ الصَّيْدِ فَصَارَ بُلُوغُ الْكَعْبَةِ صِفَةً للهدى ولا يجزى دُونَهَا وَأَيْضًا لَمَّا كَانَ ذَلِكَ ذَبْحًا تَعَلَّقَ وُجُوبُهُ بِالْإِحْرَامِ وَجَبَ أَنْ يَكُونَ مَخْصُوصًا بِالْحَرَمِ كَجَزَاءِ الصَّيْدِ وَهَدْي الْمُتْعَةِ فَإِنْ قِيلَ لَمَّا
قَالَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِكَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ أَوْ اذْبَحْ شَاةً
وَلَمْ يَشْتَرِطْ لَهُ مَكَانَا وَجَبَ أَنْ لَا يَكُونَ مَخْصُوصًا بِمَوْضِعٍ قِيلَ لَهُ إنَّ كَعْبَ بْنَ عُجْرَةَ أَصَابَهُ ذَلِكَ وَهُوَ بِالْحُدَيْبِيَةِ وَبَعْضُهَا مِنْ الْحِلِّ وَبَعْضُهَا مِنْ الْحَرَمِ فَجَائِزٌ أَنْ يَكُونَ تَرْكَ ذِكْرَ الْمَكَانِ اكْتِفَاءً بِعِلْمِ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ بِأَنَّ مَا تَعَلَّقَ مِنْ ذَلِكَ بِالْإِحْرَامِ فَهُوَ مَخْصُوصٌ بِالْحَرَمِ وَقَدْ كَانَ أَصْحَابُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَبْلَ ذَلِكَ عَالِمِينَ بِحُكْمِ تعلق الهدايا بالحرم لما كان يَرَوْنَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَسُوقُ الْبُدْنَ إلَى الْحَرَمِ لِيَنْحَرَهَا هُنَاكَ وَأَمَّا الصَّدَقَةُ وَالصَّوْمُ فَحَيْثُ شَاءَ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَطْلَقَ ذَلِكَ غَيْرَ مُقَيَّدٍ بِذِكْرِ الْمَكَانِ فَغَيْرُ جَائِزٍ لَنَا تَقْيِيدُهُ بِالْحَرَمِ لِأَنَّ الْمُطْلَقَ عَلَى إطْلَاقِهِ كَمَا أَنَّ الْمُقَيَّدَ عَلَى تَقْيِيدِهِ وَيَدُلُّ عَلَيْهِ أَنَّهُ لَيْسَ فِي الْأُصُولِ صَدَقَةٌ مَخْصُوصَةٌ بِمَوْضِعٍ لَا يَجُوزُ أَدَاؤُهَا فِي غَيْرِهِ فَلَمَّا كَانَتْ هَذِهِ صَدَقَةً لَمْ تَجُزْ أَنْ تَكَوُّنَ مَخْصُوصَةً بِمَوْضِعٍ لَا يَجُوزُ أَدَاؤُهَا فِي غَيْرِهِ لِأَنَّ ذَلِكَ مُخَالِفٌ لِلْأُصُولِ خَارِجٌ عَنْهَا فَإِنْ قِيلَ يَنْبَغِي أَنْ تَكُونَ الصَّدَقَةُ فِي الْحَرَمِ لِأَنَّ لِلْمَسَاكِينِ بِالْحَرَمِ فِيهَا حَقًّا كَالذَّبَائِحِ قِيلَ لَهُ الذَّبْحُ لَمْ يَتَعَلَّقْ جَوَازُهُ بِالْحَرَمِ لِأَجْلِ حَقِّ الْمَسَاكِينِ لِأَنَّهُ لَوْ ذَبَحَهُ فِي الْحَرَمِ ثُمَّ أَخْرَجَهُ مِنْهُ وَتَصَدَّقَ بِهِ فِي غَيْرِ الْحَرَمِ أَجْزَأَهُ وَمَعَ ذَلِكَ فَإِنَّهُ لَا يَخْتَصُّ ذَلِكَ بِمَسَاكِينِ الْحَرَمِ دُونَ غَيْرِهِمْ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ حَقًّا لَهُمْ لَكَانَ لَهُمْ الْمُطَالَبَةُ بِهِ وَلَمَّا لَمْ تَكُنْ لَهُمْ الْمُطَالَبَةُ بِهِ دَلَّ عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ بِحَقٍ لَهُمْ وَإِنَّمَا هُوَ حَقُّ اللَّهِ قَدْ لَزِمَهُ إخْرَاجُهُ إلَى الْمَسَاكِينِ عَلَى وَجْهِ الْقُرْبَةِ كَالزَّكَاةِ وَسَائِرِ الصَّدَقَاتِ الَّتِي لَا تَخْتَصُّ بِمَوْضِعٍ دُونَ غَيْرِهِ وَأَيْضًا لَمَّا لَمْ تَكُنِ الْقُرْبَةُ فِيهَا إرَاقَةَ الدَّمِ وَجَبَ أَنْ لَا يَخْتَصُّ بِالْحَرَمِ كَالصِّيَامِ وَقَدْ اخْتَلَفَ السَّلَفُ فِي ذَلِكَ فَرُوِيَ عَنْ الْحَسَنِ وَعَطَاءٍ وَإِبْرَاهِيمَ قالوا ما كان دم فبمكة وما كان من صيام أَوْ صَدَقَةٍ فَحَيْثُ شَاءَ وَعَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ اجْعَلْ الْفِدْيَةَ حَيْثُ شِئْتَ وَقَالَ طَاوُسٌ النُّسُكُ وَالصَّدَقَةُ بِمَكَّةَ وَالصِّيَامُ حَيْثُ شِئْتَ
وَرُوِيَ أَنَّ عَلِيًّا نَحَرَ عَنْ الْحُسَيْنِ بَعِيرًا وَكَانَ قَدْ مَرِضَ وَهُوَ مُحْرِمٌ وَأُمِرَ بِحَلْقِهِ وَنَحَرَ الْبَعِيرَ عَنْهُ بِالسُّقْيَا وَقَسَمَهُ عَلَى أَهْلِ الْمَاء
وَلَيْسَ فِي ذَلِكَ دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّهُ رَأَى جَوَازَ الذَّبْحِ فِي غَيْرِ الْحَرَمِ لِأَنَّهُ جَائِزٌ أَنْ يَكُونَ جَعَلَ اللَّحْمَ صَدَقَةً وَذَلِكَ جَائِزٌ عِنْدَنَا والله أعلم.

نام کتاب : أحكام القرآن - ت قمحاوي نویسنده : الجصاص    جلد : 1  صفحه : 352
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست