responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : أحكام القرآن - ت قمحاوي نویسنده : الجصاص    جلد : 1  صفحه : 225
تَوْقِيفًا فَالْحَامِلُ وَالْمُرْضِعُ لَمْ يَجْرِ لَهُمَا ذِكْرٌ فيما حكوا فوجب أن يكون تأويلهما مَحْمُولًا عَلَى مَا ذَكَرْنَا وَقَدْ ثَبَتَ نَسْخُ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ تَعَالَى [فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ] وَمِنْ جِهَةٍ أُخْرَى لَا يَصِحُّ الِاحْتِجَاجُ لَهُمْ بِهِ وَهُوَ قَوْله تَعَالَى فِي سِيَاقِ الْخِطَابِ [وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ] وَمَعْلُومٌ أَنَّ ذَلِكَ خِطَابٌ لِمَنْ تَضَمَّنَهُ أَوَّلُ الْآيَةِ وَلَيْسَ ذَلِكَ حُكْمُ الْحَامِلِ وَالْمُرْضِعِ لِأَنَّهُمَا إذَا خَافَتَا الضَّرَرَ لَمْ يَكُنِ الصَّوْمُ خَيْرًا لَهُمَا بَلْ مَحْظُورٌ عَلَيْهِمَا فِعْلُهُ وَإِنْ لَمْ تَخْشَيَا ضَرَرًا عَلَى أَنْفُسِهِمَا أَوْ وَلَدَيْهِمَا فَغَيْرُ جَائِزٍ لَهُمَا الْإِفْطَارُ وَفِي ذَلِكَ دَلِيلٌ وَاضِحٌ على أنهما لم ترادا بالآية ويدل عَلَى بُطْلَانِ قَوْلِ مَنْ تَأَوَّلَ الْآيَةَ عَلَى الْحَامِلِ وَالْمُرْضِعِ مِنْ الْقَائِلِينَ بِإِيجَابِ الْفِدْيَةِ وَالْقَضَاءِ أَنَّ اللَّهِ تَعَالَى سَمَّى هَذَا الطَّعَامَ فِدْيَةً وَالْفِدْيَةُ مَا قَامَ مَقَامَ الشَّيْءِ وَأَجْزَأَ عَنْهُ فَغَيْرُ جَائِزٍ عَلَى هَذَا الْوَضْعِ اجْتِمَاعُ الْقَضَاءِ وَالْفِدْيَةِ لِأَنَّ الْقَضَاءَ إذَا وَجَبَ فَقَدْ قَامَ مَقَامَ الْمَتْرُوكِ فَلَا يَكُونُ الْإِطْعَامُ فِدْيَةً وَإِنْ كَانَ فِدْيَةً صَحِيحَةً فَلَا قَضَاءَ لِأَنَّ الْفِدْيَةَ قد أَجْزَأَتْ عَنْهُ وَقَامَتْ مَقَامَهُ فَإِنْ قِيلَ مَا الَّذِي يَمْنَعُ أَنْ يَكُونَ الْقَضَاءُ وَالْإِطْعَامُ قَائِمَيْنِ مَقَامَ الْمَتْرُوكِ قِيلَ لَهُ لَوْ كَانَ مَجْمُوعُهُمَا قَائِمَيْنِ مَقَامَ الْمَتْرُوكِ مِنْ الصَّوْمِ لَكَانَ الْإِطْعَامُ بَعْضَ الْفِدْيَةِ وَلَمْ يَكُنْ جَمِيعَهَا وَاَللَّهُ تَعَالَى قَدْ سَمَّى ذَلِكَ فِدْيَةً وَتَأْوِيلُكَ يُؤَدِّي إلَى خِلَافِ مُقْتَضَى الْآيَةِ وَأَيْضًا إذَا كَانَ الْأَصْلُ الْمُبِيحُ لِلْحَامِلِ وَالْمُرْضِعِ الْإِفْطَارَ وَالْمُوجِبُ عَلَيْهِمَا الْفِدْيَةَ هُوَ قَوْله تَعَالَى [وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعامُ مِسْكِينٍ] وقد ذكر السلف الذين قدمنا قولهم أَنَّ الْوَاجِبَ كَانَ أَحَدُ شَيْئَيْنِ مِنْ فِدْيَةٍ أَوْ صِيَامٍ لَا عَلَى وَجْهِ الْجَمْعِ فَكَيْفَ يَجُوزُ الِاسْتِدْلَال بِهِ عَلَى إيجَابِ الْجَمْعِ بَيْنَهُمَا عَلَى الْحَامِلِ وَالْمُرْضِعِ وَمِنْ جِهَةٍ أُخْرَى أَنَّهُ مَعْلُومٌ أَنَّ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى [وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعامُ مِسْكِينٍ] حَذْفَ الْإِفْطَارِ كَأَنَّهُ قَالَ وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ إذَا أَفْطَرُوا فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ فَإِذَا كَانَ اللَّهُ تَعَالَى إنَّمَا اقْتَصَرَ بِالْإِيجَابِ عَلَى ذِكْرِ الْفِدْيَةِ فَغَيْرُ جَائِزٍ إيجَابُ غَيْرِهَا مَعَهَا لِمَا فِيهِ مِنْ الزِّيَادَةِ فِي النَّصِّ وَغَيْرُ جَائِزٍ الزِّيَادَةُ فِي الْمَنْصُوصِ إلَّا بِنَصٍّ مِثْلِهِ وَلَيْسَتَا كالشيخ الكبير الذي لا يرجى له الصوم لأنه مأيوس من صومه فلا قضاء عليه والإطعام الذي يلزمه فدية له إذ هو بنفسه قائم مقام المتروك من صومه والحامل والمرضع يرجى لهما الْقَضَاءُ فَهُمَا كَالْمَرِيضِ وَالْمُسَافِرِ وَإِنَّمَا يَسُوغُ الِاحْتِجَاجُ بِظَاهِرِ الْآيَةِ لِابْنِ عَبَّاسٍ لِاقْتِصَارِهِ عَلَى إيجَابِ الْفِدْيَةِ دُونَ الْقَضَاءِ وَمَعَ ذَلِكَ فَإِنَّ الْحَامِلَ وَالْمُرْضِعَ إذَا كَانَتَا إنَّمَا تَخَافَانَ عَلَى وَلَدَيْهِمَا دُونَ أَنْفُسِهِمَا فَهُمَا تُطِيقَانِ الصَّوْمَ فَيَتَنَاوَلَهُمَا ظَاهِرُ قوله [وَعَلَى

نام کتاب : أحكام القرآن - ت قمحاوي نویسنده : الجصاص    جلد : 1  صفحه : 225
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست