responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : أحكام القرآن - ت قمحاوي نویسنده : الجصاص    جلد : 1  صفحه : 193
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ أَمَا إنَّكَ إنْ قَتَلْتَهُ كُنْتَ مِثْلَهُ فَعَفَا عَنْهُ
فَاحْتَجَّ الْمُوجِبُونَ لِلْخِيَارِ بَيْنَ الْقَوَدِ وَالْمَالِ بِهَذَا الْحَدِيثِ وَهَذَا لَا دَلَالَةَ فِيهِ عَلَى مَا ذَكَرُوا وذلك لأنه يحتمل أن يريد أَنْ يَأْخُذَ الدِّيَةَ بِرِضَى الْقَاتِلِ كَمَا
قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِامْرَأَةِ ثَابِتِ بْنِ قَيْسٍ حِينَ جَاءَتْ تَشْكُوهُ أَتَرُدِّينَ عَلَيْهِ حَدِيقَتَهُ قَالَتْ نَعَمْ
وَمَعْلُومٌ أَنَّ رِضَى ثَابِتٍ قَدْ كَانَ مَشْرُوطًا فِيهِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَذْكُورًا
في الخبر لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَكُنْ يُلْزِمُ ثَابِتًا الطَّلَاقَ وَلَا يُمَلِّكُهُ الْحَدِيقَةَ إلا برضاه
وجائز أن النبي صلّى الله عليه وسلم قَصَدَ إلَى أَنْ يَعْقِدَ عَقْدًا عَلَى مَالٍ فَيَكُونَ مَوْقُوفًا عَلَى رِضَى الْقَاتِلِ أَوْ فَسْخِهِ وَجَائِزٌ أَنْ يَكُونَ أَرَادَ أَنْ يُؤَدِّيَ الدِّيَةَ مِنْ عِنْدِهِ كَمَا فَعَلَ فِي قَتِيلِ الْخُزَاعِيِّ بِمَكَّةَ وَكَمَا تَحَمَّلَ عَنْ الْيَهُودِ دِيَةَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَهْلٍ الَّذِي وُجِدَ قَتِيلًا بِخَيْبَرَ
وقوله صلّى الله عليه وسلم إنْ قَتَلْتَهُ كُنْتَ مِثْلَهُ
يَحْتَمِلُ مَعْنَيَيْنِ أَحَدُهُمَا أَنَّكَ قَاتِلٌ كَمَا أَنَّهُ قَاتِلٌ لَا أَنَّكَ مِثْلُهُ فِي الْمَأْثَمِ لِأَنَّهُ اسْتَوْفَى حَقًّا لَهُ فَلَا يَسْتَحِقُّ اللَّوْمَ عَلَيْهِ وَالْأَوَّلُ فَعَلَ مَا لَمْ يَكُنْ لَهُ فَكَانَ آثِمًا فَعَلِمْنَا أَنَّهُ لَمْ يُرِدْ كُنْتَ مِثْلَهُ فِي الْمَأْثَمِ وَالْآخَرُ أَنَّكَ إذَا قَتَلْتَهُ فَقَدْ اسْتَوْفَيْتَ حَقَّكَ مِنْهُ وَلَا فَضْلَ لَكَ عَلَيْهِ وَقَدْ نَدَبَ اللَّهُ تَعَالَى إلَى الْإِفْضَالِ بِالْعَفْوِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى [فَمَنْ تَصَدَّقَ بِهِ فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَهُ] فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ لَمَّا كَانَ عَلَيْهِ إحْيَاءُ نَفْسِهِ وَجَبَ أَنْ يُحْكَمَ عَلَيْهِ بِذَلِكَ إذَا اخْتَارَ الْوَلِيُّ أَخْذَ الْمَالِ قِيلَ لَهُ وَعَلَى كُلِّ أَحَدٍ أَنْ يُحْيِيَ غَيْرَهُ إذَا خَافَ عَلَيْهِ التَّلَفَ مِثْلَ أَنْ يَرَى إنْسَانًا قَدْ قَصَدَ غَيْرَهُ بِالْقَتْلِ أَوْ خَافَ عَلَيْهِ الْغَرَقَ وَهُوَ يُمْكِنُهُ تَخْلِيصُهُ أَوْ كَانَ مَعَهُ طَعَامٌ وَخَافَ عَلَيْهِ أَنْ يَمُوتَ مِنْ الْجُوعِ فَعَلَيْهِ إحْيَاؤُهُ بِإِطْعَامِهِ وَإِنْ كَثُرَتْ قِيمَتُهُ وَإِنْ كَانَ عَلَى الْقَاتِلِ إعْطَاءُ الْمَالِ لِإِحْيَاءِ نَفْسِهِ فَعَلَى الْوَلِيِّ أَيْضًا إحْيَاؤُهُ إذَا أَمْكَنَهُ ذَلِكَ فَوَجَبَ عَلَى هَذِهِ الْقَضِيَّةِ إجْبَارُ الْوَلِيِّ عَلَى أَخْذِ الْمَالِ إذَا بَذَلَهُ الْقَاتِلُ وَهَذَا يُؤَدِّي إلَى بُطْلَانِ الْقِصَاصِ أَصْلًا لِأَنَّهُ إذَا كَانَ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا إحْيَاءُ نَفْسِ الْقَاتِلِ فَعَلَيْهِمَا التَّرَاضِي عَلَى أَخْذِ الْمَالِ وَإِسْقَاطِ الْقَوَدِ وَأَيْضًا فَيَنْبَغِي إذَا طَلَبَ الْوَلِيُّ دَارِهِ أَوْ عَبْدَهُ أَوْ دِيَاتٍ كَثِيرَةً أَنْ يُعْطِيَهُ لِأَنَّهُ لَا يُخْتَلَفُ فِيمَا يَلْزَمُهُ إحْيَاءُ نَفْسِهِ حُكْمُ الْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ فَلَمَّا لَمْ يَلْزَمْهُ إعْطَاءُ أَكْثَرَ مِنْ الدِّيَةِ عِنْدَ الْقَائِلِينَ بِهَذِهِ الْمَقَالَةِ كَانَ بِذَلِكَ انْتِقَاضُ هَذَا الِاعْتِلَالِ وَفَسَادُهُ وَاحْتَجَّ الْمُزَنِيّ لِلشَّافِعِيِّ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ بِأَنَّهُ لَوْ صَالَحَ مِنْ حَدِّ الْقَذْفِ عَلَى مَالٍ أَوْ مِنْ كَفَالَةٍ بِنَفْسٍ لَبَطَلَ الْحَدُّ وَالْكَفَالَةُ وَلَمْ يَسْتَحِقَّ شَيْئًا وَلَوْ صَالَحَ مِنْ دَمٍ عَمْدٍ عَلَى مَالٍ بِاتِّفَاقِ الْجَمِيعِ قُبِلَ ذَلِكَ فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ دَمَ الْعَمْدِ مَالٌ فِي الْأَصْلِ لَوْلَا ذَلِكَ لَمَا صَحَّ الصُّلْحُ كَمَا لَمْ يَصِحَّ عَنْ حَدِّ الْقَذْفِ وَالْكَفَالَةِ قَالَ أَبُو بَكْرٍ قَدْ انْتَظَمَ هَذَا الِاحْتِجَاجَ الْخَطَأُ وَالْمُنَاقَضَةُ

نام کتاب : أحكام القرآن - ت قمحاوي نویسنده : الجصاص    جلد : 1  صفحه : 193
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست