responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : أحكام القرآن - ت قمحاوي نویسنده : الجصاص    جلد : 1  صفحه : 157
إِلَيْهِ]
وكذلك [غَيْرَ مُتَجانِفٍ لِإِثْمٍ] لَا يَخْلُو مِنْ أَنْ يُرِيدَ بِهِ مُجَانَبَةَ سَائِرِ الْآثَامِ حَتَّى يَكُونَ شَرْطُ الْإِبَاحَةِ لِلْمُضْطَرِّ أَنْ يَكُونَ غَيْرَ مُتَجَانِفٍ لِإِثْمٍ أَصْلًا فِي الْأَكْلِ وَغَيْرِهِ حَتَّى إنْ كَانَ مُقِيمًا عَلَى تَرْكِ رَدِّ مَظْلِمَةِ دِرْهَمٍ أَوْ تَرْكِ صَلَاةٍ أَوْ صَوْمٍ لَمْ يَتُبْ مِنْهُ لَا يَحِلُّ لَهُ الْأَكْلُ أَوْ أَنْ يَكُونَ جَائِزٌ لَهُ الْأَكْلُ مَعَ كَوْنِهِ مُقِيمًا عَلَى ضَرْبٍ مِنْ الْمَعَاصِي بَعْدَ أَنْ لَا يَكُونَ سَفَرُهُ فِي مَعْصِيَةٍ وَلَا خَارِجًا عَلَى إمَامِ وَقَدَ ثَبَتَ عِنْدَ الْجَمِيعِ أَنَّ إقَامَتَهُ عَلَى بَعْضِ الْمَعَاصِي لَا تَمْنَعُ اسْتِبَاحَتَهُ لِلْمَيْتَةِ عِنْدَ الضَّرُورَةِ فَثَبَتَ أَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ بِمُرَادٍ ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ يُحْتَاجُ فِي إثْبَاتِ الْمَأْثَمِ الَّذِي يَمْنَعُ الِاسْتِبَاحَةَ إلَى دَلَالَةٍ مِنْ غَيْرِ الْآيَةِ وَهَذَا يُوجِبُ إجْمَالَ اللَّفْظِ وَافْتِقَارَهُ إلَى الْبَيَانِ فَيُؤَدِّي ذَلِكَ إلَى وُقُوفِ حُكْمِ الْآيَةِ عَلَى بَيَانٍ مِنْ غَيْرِهَا وَمَتَى أَمْكَنَنَا اسْتِعْمَالُ حُكْمِ الْآيَةِ وَجَبَ عَلَيْنَا اسْتِعْمَالُهَا وَجِهَةُ إمْكَانِ اسْتِعْمَالِهَا مَا وَصَفْنَا مِنْ إثْبَاتِ الْمُرَادِ بَغْيًا وَتَعَدِّيًا فِي الْأَكْلِ بِأَنْ لَا يَتَنَاوَلَ مِنْهَا إلَّا بِمِقْدَارِ مَا يُمْسِكُ الرَّمَقَ وَيُزِيلُ خَوْفَ التَّلَفِ وَأَيْضًا قَالَ الله تعالى [وَلا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ] وَمَنْ امْتَنَعَ مِنْ الْمُبَاحِ حَتَّى مَاتَ كَانَ قَاتِلًا نَفْسَهُ مُتْلِفًا لَهَا عِنْدَ جَمِيعِ أَهْلِ الْعِلْمِ وَلَا يَخْتَلِفُ فِي ذَلِكَ عِنْدَهُمْ حُكْمُ العاصي والمطيع بل يكون امتناعه عند ذَلِكَ مِنْ الْأَكْلِ زِيَادَةً عَلَى عِصْيَانِهِ فَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ حُكْمُهُ وَحُكْمُ الْمُطِيعِ سَوَاءً فِي اسْتِبَاحَةِ الْأَكْلِ عِنْدَ الضَّرُورَةِ أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ امْتَنَعَ مِنْ أَكْلِ الْمُبَاحِ مِنْ الطَّعَامِ مَعَهُ حَتَّى مَاتَ كَانَ عَاصِيًا لِلَّهِ تَعَالَى وَإِنْ كَانَ بَاغِيًا عَلَى الْإِمَامِ خَارِجًا فِي سَفَرِ مَعْصِيَةٍ وَالْمَيْتَةُ عِنْدَ الضَّرُورَةِ بِمَنْزِلَةِ الْمُذَكَّى فِي حَالَ الْإِمْكَانِ وَالسَّعَةِ فَإِنْ قِيلَ قَدْ يُمْكِنُهُ الْوُصُولُ إلَى اسْتِبَاحَةِ أَكْلِ الْمَيْتَةِ بِالتَّوْبَةِ فَإِذَا لَمْ يَتُبْ فَهُوَ الْجَانِي عَلَى نَفْسِهِ قِيلَ لَهُ أَجَلْ هُوَ كَمَا قُلْتَ إلَّا أَنَّهُ غَيْرُ مُبَاحٍ لَهُ الْجِنَايَةُ عَلَى نَفْسِهِ بِتَرْكِ الْأَكْلِ وَإِنْ لَمْ يَتُبْ لِأَنَّ تَرْكَ
التَّوْبَةِ لَا يُبِيحُ لَهُ قَتْلَ نَفْسِهِ وَهَذَا الْعَاصِي مَتَى تَرَكَ الْأَكْلَ فِي حَالِ الضَّرُورَةِ حَتَّى مَاتَ كَانَ مُرْتَكِبًا لِضَرْبَيْنِ مِنْ الْمَعْصِيَةِ أَحَدُهُمَا خُرُوجُهُ فِي مَعْصِيَةٍ وَالثَّانِي جِنَايَتُهُ عَلَى نَفْسِهِ بِتَرْكِ الْأَكْلِ وَأَيْضًا فَالْمُطِيعُ وَالْعَاصِي لَا يَخْتَلِفَانِ فِيمَا يَحِلُّ لَهُمَا مِنْ الْمَأْكُولَاتِ أَوْ يُحَرَّمُ أَلَا تَرَى أَنَّ سَائِرَ الْمَأْكُولَاتِ الَّتِي هِيَ مُبَاحَةٌ لِلْمُطِيعِينَ هِيَ مُبَاحَةٌ لِلْعُصَاةِ كَسَائِرِ الْأَطْعِمَةِ وَالْأَشْرِبَةِ الْمُبَاحَةِ وَكَذَلِكَ مَا حُرِّمَ مِنْ الْأَطْعِمَةِ وَالْأَشْرِبَةِ لَا يَخْتَلِفُ فِي تَحْرِيمِهِ حُكْمُ الْمُطِيعِينَ وَالْعُصَاةِ فَلَمَّا كَانَتْ الْمَيْتَةُ مُبَاحَةً لِلْمُطِيعِينَ عِنْدَ الضَّرُورَةِ وَجَبَ أَنْ يَكُونَ كَذَلِكَ حُكْمُ العصاة فبها كَسَائِرِ الْأَطْعِمَةِ الْمُبَاحَةِ فِي غَيْرِ حَالِ الضَّرُورَةِ فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ إبَاحَةُ الْمَيْتَةِ رُخْصَةٌ لِلْمُضْطَرِّ وَلَا رُخْصَةَ لِلْعَاصِي

نام کتاب : أحكام القرآن - ت قمحاوي نویسنده : الجصاص    جلد : 1  صفحه : 157
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست