responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : مختصر تفسير البغوي المسمى بمعالم التنزيل نویسنده : عبد الله الزيد    جلد : 5  صفحه : 720
القضاء، {وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ} [القصص: 88] تُرَدُّونَ فِي الْآخِرَةِ فَيَجْزِيكُمْ بِأَعْمَالِكُمْ.

[سورة العنكبوت]
[قوله تعالى الم أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا] آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ. . .
(29) سورة العنكبوت [1]، [2] {الم - أَحَسِبَ النَّاسُ} [العنكبوت: [1] - 2] أظن الناس، {أَنْ يُتْرَكُوا} [العنكبوت: 2] بِغَيْرِ اخْتِبَارٍ وَلَا ابْتِلَاءٍ، {أَنْ يَقُولُوا} [العنكبوت: 2] أَيْ بِأَنْ يَقُولُوا، {آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ} [العنكبوت: 2] لَا يُبْتَلَوْنَ فِي أَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ كلا لنختبرنهم ليبين الْمُخَلِصَ مِنَ الْمُنَافِقِ وَالصَّادِقَ مِنَ الكاذب وَقِيلَ: (وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ) بِالْأَوَامِرِ وَالنَّوَاهِي، وَذَلِكَ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَمَرَهُمْ فِي الِابْتِدَاءِ بِمُجَرَّدِ الْإِيمَانِ ثُمَّ فَرَضَ عَلَيْهِمُ الصَّلَاةَ وَالزَّكَاةَ وَسَائِرَ الشَّرَائِعِ فَشَقَّ عَلَى بَعْضِهِمْ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ هَذِهِ الْآيَةَ، ثُمَّ عَزَّاهُمْ فَقَالَ:
[3] {وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ} [العنكبوت: 3] يَعْنِي الْأَنْبِيَاءَ وَالْمُؤْمِنِينَ فَمِنْهُمْ مَنْ نُشِرَ بِالْمِنْشَارِ وَمِنْهُمْ مَنْ قُتِلَ، وَابْتُلِيَ بَنُو إِسْرَائِيلَ بِفِرْعَوْنَ فَكَانَ يَسُومُهُمْ سُوءَ الْعَذَابِ، {فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا} [العنكبوت: 3] فِي قَوْلِهِمْ آمَنَّا، {وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ} [العنكبوت: 3] وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِهِمْ قَبْلَ الِاخْتِبَارِ، ومعنى الآية: وليظهرن اللَّهُ الصَّادِقِينَ مِنَ الْكَاذِبِينَ حَتَّى يُوجِدَ مَعْلُومَهُ، وَقَالَ مُقَاتِلٌ: فَلَيَرَيَنَّ الله. وقيل. ليميز اللَّهُ كَقَوْلِهِ: {لِيَمِيزَ اللَّهُ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ} [الْأَنْفَالِ: 37]
[4] {أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ} [العنكبوت: 4] يعني الشرك، {أَنْ يَسْبِقُونَا} [العنكبوت: 4] يُعْجِزُونَا وَيَفُوتُونَا فَلَا نَقْدِرُ عَلَى الِانْتِقَامِ مِنْهُمْ، {سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ} [العنكبوت: 4] أي بِئْسَ مَا حَكَمُوا حِينَ ظَنُّوا ذَلِكَ.
[5] {مَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ اللَّهِ} [العنكبوت: 5] قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا وَمُقَاتِلٌ: مَنْ كَانَ يَخْشَى الْبَعْثَ وَالْحِسَابَ، وَالرَّجَاءُ بِمَعْنَى الْخَوْفِ، وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: مَنْ كَانَ يَطْمَعُ فِي ثَوَابِ اللَّهِ، {فَإِنَّ أَجَلَ اللَّهِ لَآتٍ} [العنكبوت: 5] يَعْنِي مَا وَعَدَ اللَّهُ مِنَ الثَّوَابِ وَالْعِقَابِ. وَقَالَ مُقَاتِلٌ: يَعْنِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ لَكَائِنٌ، وَمَعْنَى الْآيَةِ أَنَّ مَنْ يَخْشَى اللَّهَ أَوْ يَأْمُلُهُ فَلْيَسْتَعِدَّ لَهُ وَلْيَعْمَلْ لِذَلِكَ الْيَوْمِ، كَمَا قَالَ: {فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلا صَالِحًا} [الكهف: 110] الآية، {وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ} [العنكبوت: 5]
[6] {وَمَنْ جَاهَدَ فَإِنَّمَا يُجَاهِدُ لِنَفْسِهِ} [العنكبوت: 6] لَهُ ثَوَابُهُ، وَالْجِهَادُ هُوَ الصَّبْرُ عَلَى الشِّدَّةِ وَيَكُونُ ذَلِكَ فِي الْحَرْبِ وَقَدْ يَكُونُ عَلَى مُخَالَفَةِ النَّفْسِ.
{إِنَّ اللَّهَ لَغَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ} [العنكبوت: 6] عن أعمالهم وعباداتهم.

[قَوْلُهُ تَعَالَى وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَنُكَفِّرَنَّ] عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَحْسَنَ الَّذِي كَانُوا يَعْمَلُونَ. . .
[7] {وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَنُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ} [العنكبوت: 7] لَنُبْطِلَنَّهَا يَعْنِي حَتَّى تَصِيرَ بِمَنْزِلَةِ ما لم يعمل، فالتكفير إِذْهَابُ السَّيِّئَةِ بِالْحَسَنَةِ، {وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَحْسَنَ الَّذِي كَانُوا يَعْمَلُونَ} [العنكبوت: 7] أَيْ بِأَحْسَنِ أَعْمَالِهِمْ وَهُوَ الطَّاعَةُ، وَقِيلَ: نُعْطِيهِمْ أَكْثَرَ مِمَّا عَمِلُوا وَأَحْسَنَ، كَمَا قَالَ: {مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا} [الْأَنْعَامِ: 160]
[8] قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: {وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حُسْنًا} [العنكبوت: 8] أي برا بهما عطفا عَلَيْهِمَا، مَعْنَاهُ وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ أَنْ يَفْعَلَ بِوَالِدَيْهِ مَا يَحْسُنُ، نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ وَالَّتِي فِي سُورَةِ لقمان والأحزاب فِي سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ رضي الله عنه وَأُمُّهُ: حَمْنَةُ بِنْتُ أَبِي سُفْيَانَ بْنِ أُمَيَّةَ بْنِ عَبْدِ شَمْسٍ لَمَّا أَسْلَمَ وَكَانَ مِنَ السَّابِقِينَ الْأَوَّلِينَ وَكَانَ بَارًّا بِأُمِّهِ قَالَتْ لَهُ أُمُّهُ: مَا هَذَا الدِّينُ الَّذِي أَحْدَثْتَ؟ ! وَاللَّهِ لَا آكُلُ وَلَا أَشْرَبُ حَتَّى تَرْجِعَ إِلَى مَا كُنْتَ عَلَيْهِ أَوْ أَمُوتَ فتعير بذلك أبد الدهر، فَجَاءَ سَعْدٌ إِلَيْهَا وَقَالَ: يَا أُمَّاهُ لَوْ كَانَتْ لَكِ مِائَةُ نَفْسٍ فَخَرَجَتْ نَفْسًا نَفْسًا مَا تَرَكْتُ دِينِي فَكُلِي وَإِنْ شِئْتِ فلا تأكلي، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى هَذِهِ الْآيَةَ، وأمر بِالْبِرِّ بِوَالِدَيْهِ وَالْإِحْسَانِ إِلَيْهِمَا وَأَنْ لا يطعمها فِي الشِّرْكِ، فَذَلِكَ قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: {وَإِنْ جَاهَدَاكَ لِتُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا} [العنكبوت: 8] جاء فِي الْحَدِيثِ: «لَا طَاعَةَ لِمَخْلُوقٍ في معصية الخالق» [1] .

[1] رواه الإمام أحمد 5 / 66 وصححه الحاكم 3 / 443 وأخرجه المصنف في شرح السنة 1 / 44.
نام کتاب : مختصر تفسير البغوي المسمى بمعالم التنزيل نویسنده : عبد الله الزيد    جلد : 5  صفحه : 720
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست