responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : مختصر تفسير البغوي المسمى بمعالم التنزيل نویسنده : عبد الله الزيد    جلد : 5  صفحه : 692
الَّذِي هُوَ شَرْطُ الْإِيمَانِ فَلَا يُفَارِقُهُمْ، قَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «أَنَا أَخْشَاكُمْ لِلَّهِ» [1] .
[11] وَقَوْلُهُ: {إِلَّا مَنْ ظَلَمَ ثُمَّ بَدَّلَ حُسْنًا بَعْدَ سُوءٍ فَإِنِّي غَفُورٌ رَحِيمٌ} [النمل: 11] وَاخْتُلِفَ فِي هَذَا الِاسْتِثْنَاءِ، قِيلَ: هَذَا إِشَارَةٌ إِلَى أَنَّ مُوسَى حِينَ قَتَلَ الْقِبْطِيَّ خَافَ مِنْ ذَلِكَ، ثُمَّ تَابَ فَقَالَ: رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي، فَغَفَرَ لَهُ، قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ: قَالَ اللَّهُ تَعَالَى لِمُوسَى: إِنَّمَا أَخَفْتُكَ لِقَتْلِكَ النَّفْسَ. وَقَالَ: مَعْنَى الْآيَةِ لَا يُخِيفُ اللَّهُ الْأَنْبِيَاءَ إِلَّا بِذَنْبٍ يُصِيبُهُ أَحَدُهُمْ، فَإِنْ أَصَابَهُ أَخَافَهُ حَتَّى يَتُوبَ، فَعَلَى هَذَا التَّأْوِيلِ يَكُونُ الِاسْتِثْنَاءُ صَحِيحًا وَتَنَاهَى الْخَبَرُ عَنِ الرُّسُلِ عِنْدَ قوله: {إِلَّا مَنْ ظَلَمَ} [النمل: 11] ثُمَّ ابْتَدَأَ الْخَبَرُ عَنْ حَالِ مَنْ ظَلَمَ مِنَ النَّاسِ كَافَّةً، وَفِي الْآيَةِ مَتْرُوكٌ اسْتُغْنِيَ عَنْ ذِكْرِهِ بِدَلَالَةِ الْكَلَامِ عَلَيْهِ، تَقْدِيرُهُ: فَمَنْ ظَلَمَ ثُمَّ بَدَّلَ حُسْنًا بَعْدَ سُوءٍ فَإِنِّي غَفُورٌ رَحِيمٌ. قال بَعْضُ الْعُلَمَاءِ: لَيْسَ هَذَا بِاسْتِثْنَاءٍ مِنَ الْمُرْسَلِينَ لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ عَلَيْهِمُ الظُّلْمُ، بَلْ هُوَ اسْتِثْنَاءٌ مِنَ الْمَتْرُوكِ فِي الْكَلَامِ، مَعْنَاهُ لَا يَخَافُ لَدَيَّ الْمُرْسَلُونَ، إِنَّمَا الْخَوْفُ عَلَى غَيْرِهِمْ مِنَ الظَّالِمِينَ، إِلَّا مَنْ ظَلَمَ ثُمَّ تَابَ، وَهَذَا مِنَ الِاسْتِثْنَاءِ الْمُنْقَطِعِ، مَعْنَاهُ: لَكِنْ مَنْ ظَلَمَ مِنْ سَائِرِ النَّاسِ فَإِنَّهُ يَخَافُ، فَإِنْ تَابَ وَبَدَّلَ حُسْنًا بَعْدَ سُوءٍ فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ، يَعْنِي يَغْفِرُ اللَّهُ لَهُ وَيُزِيلُ الْخَوْفَ عَنْهُ. وَقَالَ بَعْضُ النَّحْوِيِّينَ: (إِلَّا هَاهُنَا بِمَعْنَى وَلَا، يَعْنِي: لَا يَخَافُ لَدَيَّ الْمُرْسَلُونَ وَلَا مَنْ ظَلَمَ ثُمَّ بَدَّلَ حُسْنًا بَعْدَ سُوءٍ يَقُولُ: لَا يَخَافُ لَدَيَّ الْمُرْسَلُونَ وَلَا الْمُذْنِبُونَ التَّائِبُونَ كَقَوْلِهِ تَعَالَى. {لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَيْكُمْ حُجَّةٌ إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ} [الْبَقَرَةِ: 150] يعني ولا الذين ظلموا، ثُمَّ أَرَاهُ اللَّهُ آيَةً أُخْرَى فَقَالَ:
[12] {وَأَدْخِلْ يَدَكَ فِي جَيْبِكَ} [النمل: 12] والجيب حيث جبب مِنَ الْقَمِيصِ، أَيْ قُطِعَ، قَالَ أَهْلُ التَّفْسِيرِ: كَانَتْ عَلَيْهِ مُدَرَّعَةٌ مِنْ صُوفٍ لَا كُمَّ لَهَا ولا أزرار فأدخل يد، فِي جَيْبِهِ وَأَخْرَجَهَا، فَإِذَا هِيَ تَبْرُقُ مِثْلَ الْبَرْقِ، فَذَلِكَ قَوْلُهُ: {تَخْرُجْ بَيْضَاءَ مِنْ غَيْرِ سُوءٍ} [النمل: 12] مِنْ غَيْرِ بَرَصٍ، {فِي تِسْعِ آيَاتٍ} [النمل: 12] يَقُولُ هَذِهِ آيَةٌ مَعَ تِسْعِ آيَاتٍ أَنْتَ مُرْسَلٌ بِهِنَّ، {إِلَى فِرْعَوْنَ وَقَوْمِهِ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمًا فَاسِقِينَ} [النمل: 12]
[13] {فَلَمَّا جَاءَتْهُمْ آيَاتُنَا مُبْصِرَةً} [النمل: 13] بَيِّنَةً وَاضِحَةً يُبْصَرُ بِهَا، {قَالُوا هَذَا سِحْرٌ مُبِينٌ} [النمل: 13] ظاهر.

[قوله تَعَالَى وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ ظُلْمًا] وَعُلُوًّا فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ. . .
[14] {وَجَحَدُوا بِهَا} [النمل: 14] أَيْ أَنْكَرُوا الْآيَاتِ وَلَمْ يُقِرُّوا أَنَّهَا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ، {وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ} [النمل: 14] يعني عَلِمُوا أَنَّهَا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ، قوله: {ظُلْمًا وَعُلُوًّا} [النمل: 14] يعني شِرْكًا وَتَكَبُّرًا عَنْ أَنْ يُؤْمِنُوا بِمَا جَاءَ بِهِ مُوسَى، {فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ} [النمل: 14]
[15] قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: {وَلَقَدْ آتَيْنَا دَاوُدَ وَسُلَيْمَانَ عِلْمًا} [النمل: 15] يعني عِلْمَ الْقَضَاءِ وَمَنْطِقَ الطَّيْرِ وَالدَّوَابِّ وَتَسْخِيرَ الشَّيَاطِينِ وَتَسْبِيحَ الْجِبَالِ، {وَقَالَا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي فَضَّلَنَا} [النمل: 15] بِالنُّبُوَّةِ وَالْكِتَابِ وَتَسْخِيرِ الشَّيَاطِينِ وَالْجِنِّ وَالْإِنْسِ {عَلَى كَثِيرٍ مِنْ عِبَادِهِ الْمُؤْمِنِينَ} [النمل: 15]
[16] {وَوَرِثَ سُلَيْمَانُ دَاوُدَ} [النمل: 16] نُبُوَّتَهُ وَعِلْمَهُ وَمُلْكَهُ دُونَ سَائِرِ أَوْلَادِهِ، وَكَانَ لِدَاوُدَ تِسْعَةَ عَشَرَ ابْنًا، وَأُعْطِيَ سُلَيْمَانُ مَا أُعْطِيَ دَاوُدُ مِنَ الْمُلْكِ، وَزِيدَ لَهُ تسخير الريح وتسخير الشياطين. وقال مُقَاتِلٌ: كَانَ سُلَيْمَانُ أَعْظَمَ مُلْكًا مِنْ دَاوُدَ وَأَقْضَى مِنْهُ، وَكَانَ دَاوُدُ أَشَدَّ تَعَبُّدًا مِنْ سُلَيْمَانَ، وَكَانَ سُلَيْمَانُ شَاكِرًا لِنِعَمِ اللَّهِ تَعَالَى، {وَقَالَ يَا أَيُّهَا النَّاسُ عُلِّمْنَا مَنْطِقَ الطَّيْرِ} [النمل: 16] سَمَّى صَوْتَ الطَّيْرِ مَنْطِقًا لِحُصُولِ الْفَهْمِ مِنْهُ، كَمَا يُفْهَمُ مِنْ كلام الناس {وَأُوتِينَا مِنْ كُلِّ شَيْءٍ} [النمل: 16] يُؤْتَى الْأَنْبِيَاءُ وَالْمُلُوكُ، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: مِنْ أَمْرِ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ. وَقَالَ مُقَاتِلٌ: يَعْنِي النُّبُوَّةَ وَالْمُلْكَ وَتَسْخِيرَ الْجِنِّ وَالشَّيَاطِينِ وَالرِّيَاحِ، {إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْفَضْلُ الْمُبِينُ} [النمل: 16] الزِّيَادَةُ الظَّاهِرَةُ عَلَى مَا أَعْطَى غيرنا.

[1] قطعة من حديث رواه البخاري في النكاح 9 / 104 ومسلم في الصيام رقم (1108) 2 / 779.
نام کتاب : مختصر تفسير البغوي المسمى بمعالم التنزيل نویسنده : عبد الله الزيد    جلد : 5  صفحه : 692
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست