responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : مختصر تفسير ابن كثير نویسنده : الصابوني، محمد علي    جلد : 1  صفحه : 475
فَقَالَ: إِذَا سَمِعْتَ اللَّهَ يَقُولُ: {يِا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا} فَأَرْعِهَا سَمْعَكَ، فَإِنَّهُ خَيْرٌ يَأْمُرُ به، أو شر ينهى عنه. وعن خَيْثَمَةَ قَالَ: كُلُّ شَيْءٍ فِي الْقُرْآنِ {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ} فَهُوَ فِي التَّوْرَاةِ يَا أيها المساكين. وكتب رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كِتَابًا لعمرو ابن حَزْمٍ، حِينَ بَعَثَهُ إِلَى الْيَمَنِ يُفَقِّهَ أَهْلَهَا وَيُعَلِّمُهُمُ السُّنَّةَ، وَيَأْخُذَ صَدَقَاتِهِمْ، فَكَتَبَ لَهُ كِتَابًا وَعَهْدًا، وَأَمَرَهُ فِيهِ بِأَمْرِهِ، فَكَتَبَ: «بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ هَذَا كِتَابٌ مِّنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَوْفُواْ بِالْعُقُودِ} عَهْدٌ مِنْ مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِعَمْرِو بْنِ حَزْمٍ حِينَ بَعَثَهُ إِلَى اليمن، أمره بتقوى الله في أمره كلهن فَإِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُم مُحْسِنُونَ» (رواه ابن أبي حاتم وأخرج مثله ابن جرير) وقوله تعالى: {أَوْفُواْ بالعقود}، قال ابن عباس يعني بالعقود: العهود؛ قال: والعهود: ما كانوا يتعاقدون عَلَيْهِ مِنَ الْحِلْفِ وَغَيْرِهِ؛ وَقَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَلْحَةَ عَنِ ابْنِ عباس العهود: يَعْنِي مَا أَحَلَّ اللَّهُ وَمَا حَرَّمَ، وَمَا فرض وما حد في القرآن كله، ولا تَغْدِرُوا وَلَا تَنْكُثُوا، ثُمَّ شَدَّدَ فِي ذَلِكَ فقال تعالى: {وَالَّذِينَ يَنقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِن بَعْدِ مِيثَاقِهِ وَيَقْطَعُونَ مَآ أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَن يُوصَلَ}، إلى قوله: {سوء الدار} وقال الضحاك: {أَوْفُواْ العقود} قال: ما أحل الله وحرم وَمَا أَخَذَ اللَّهُ مِنَ الْمِيثَاقِ عَلَى مَنْ أقر بالإيمان بالنبي وَالْكِتَابِ أَنْ يُوفُوا بِمَا أَخَذَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ الْفَرَائِضِ مِنَ الْحَلَالِ وَالْحَرَامِ، وَقَالَ زَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ: {أَوْفُواْ بِالْعُقُودِ} قَالَ: هِيَ سِتَّةٌ، عَهْدُ اللَّهِ، وَعَقْدُ الْحِلْفِ، وَعَقْدُ الشَّرِكَةِ، وَعَقْدُ البيع، وعقد اليمين. وَقَدِ اسْتَدَلَّ بَعْضُ مَنْ ذَهَبَ إِلَى أَنَّهُ لا خيار في الْبَيْعِ بِهَذِهِ الْآيَةِ {أَوْفُواْ بِالْعُقُودِ}، قَالَ: فَهَذَا يدل على لزوم العقد وثبوته، ويقتضي نَفْيَ خِيَارِ الْمَجْلِسِ، وَهَذَا مَذْهَبُ أَبِي حَنِيفَةَ ومالك، وخالفهما في ذلك الشافعي وأحمد وَالْجُمْهُورُ، وَالْحُجَّةُ فِي ذَلِكَ مَا ثَبَتَ فِي الصَّحِيحَيْنِ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «البيِّعان بِالْخِيَارِ مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا»، وَفِي لَفْظِ آخر لِلْبُخَارِيِّ؛ «إِذَا تَبَايَعَ الرَّجُلَانِ فَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِالْخِيَارِ مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا»، وَهَذَا صَرِيحٌ فِي إِثْبَاتِ خِيَارِ الْمَجْلِسِ الْمُتَعَقِّبِ لِعَقْدِ الْبَيْعِ، وَلَيْسَ هَذَا مُنَافِيًا لِلُزُومِ الْعَقْدِ، بَلْ هُوَ مِنْ مقتضياته شرعاً، فالتزامه من تمام الوفاء بالعقود.
وَقَوْلُهُ تَعَالَى: {أُحِلَّتْ لَكُمْ بَهِيمَةُ الْأَنْعَامِ} هِيَ الإبل والبقر والغنم، قاله قتادة وَغَيْرُ وَاحِدٍ، قَالَ ابْنُ جَرِيرٍ: وَكَذَلِكَ هُوَ عِنْدَ الْعَرَبِ، وَقَدِ اسْتَدَلَّ ابْنُ عُمَرَ وَابْنُ عَبَّاسٍ وَغَيْرُ وَاحِدٍ بِهَذِهِ الْآيَةِ عَلَى إِبَاحَةِ الْجَنِينِ إِذَا وُجِدَ مَيِّتًا فِي بَطْنِ أُمِّهِ إِذَا ذُبِحَتْ، وَقَدْ وَرَدَ فِي ذَلِكَ حَدِيثٌ في السنن. عَنْ أَبِي سَعِيدٍ قَالَ: قُلْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ نَنْحَرُ النَّاقَةَ وَنَذْبَحُ الْبَقَرَةَ أَوِ الشَّاةَ، فِي بَطْنِهَا الْجَنِينُ، أَنُلْقِيهِ أَمْ نَأْكُلُهُ؟ فَقَالَ: «كُلُوهُ إِنْ شِئْتُمْ فَإِنَّ ذَكَاتَهُ ذَكَاةُ أُمِّهِ»، وقال أبو داود عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «ذَكَاةُ الجنين ذكاة أمه» وقوله:
{إِلاَّ مَا يتلى عَلَيْكُمْ} قال ابْنِ عَبَّاسٍ: يَعْنِي بِذَلِكَ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الْخِنْزِيرِ، وَقَالَ قَتَادَةُ: يَعْنِي بِذَلِكَ الْمَيْتَةَ وَمَا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ، وَالظَّاهِرُ - وَاللَّهُ أَعْلَمُ - أَنَّ الْمُرَادَ بِذَلِكَ قَوْلُهُ: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ وَالْمُنْخَنِقَةُ وَالْمَوْقُوذَةُ وَالْمُتَرَدِّيَةُ وَالنَّطِيحَةُ وَمَآ أَكَلَ السَّبُعُ}، فَإِنَّ هَذِهِ وَإِنْ كَانَتْ مِنَ الْأَنْعَامِ، إِلَّا أَنَّهَا تَحْرُمُ بِهَذِهِ الْعَوَارِضِ، وَلِهَذَا قَالَ: {إِلاَّ مَا ذَكَّيْتُمْ وَمَا ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ} يَعْنِي مِنْهَا، فَإِنَّهُ حَرَامٌ لَا يُمْكِنُ اسْتِدْرَاكُهُ وَتَلَاحُقُهُ، وَلِهَذَا قَالَ تَعَالَى: {أُحِلَّتْ لَكُمْ بَهِيمَةُ الْأَنْعَامِ إِلاَّ مَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ} أَيْ إِلَّا مَا سَيُتْلَى عَلَيْكُمْ مِنْ تَحْرِيمِ بَعْضِهَا في بعض الأحوال، والمراد بالأنعام ما تعم الْإِنْسِيَّ مِنَ الْإِبِلِ وَالْبَقَرِ وَالْغَنَمِ، وَمَا يَعُمُّ الْوَحْشِيَّ كَالظِّبَاءِ وَالْبَقَرِ وَالْحُمُرِ،

نام کتاب : مختصر تفسير ابن كثير نویسنده : الصابوني، محمد علي    جلد : 1  صفحه : 475
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست