responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : في ظلال القرآن نویسنده : سيد قطب    جلد : 5  صفحه : 3220
ونرى فريقا من الناس لا يعرف حكما يرجع إليه إلا هواه، فهو إلهه الذي يتعبده، ويطيع كل ما يراه.
نرى هذا الفريق من الناس مصورا تصويرا فذا في هذه الآية وهو يعجب من أمره ويشهر بغفلته وعماه:
«أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلهَهُ هَواهُ، وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلى عِلْمٍ، وَخَتَمَ عَلى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ، وَجَعَلَ عَلى بَصَرِهِ غِشاوَةً؟ فَمَنْ يَهْدِيهِ مِنْ بَعْدِ اللَّهِ؟ أَفَلا تَذَكَّرُونَ؟» ..
ونرى هذا الفريق من الناس ينكر أمر الآخرة، ويشك كل الشك في قضية البعث والحساب، ويتعنت في الإنكار وفي طلب البرهان بما لا سبيل إليه في هذه الأرض. والقرآن يوجه هذا الفريق إلى الدلائل القائمة الحاضرة على صدق هذه القضية، وهم عنها معرضون:
«وَقالُوا: ما هِيَ إِلَّا حَياتُنَا الدُّنْيا نَمُوتُ وَنَحْيا، وَما يُهْلِكُنا إِلَّا الدَّهْرُ. وَما لَهُمْ بِذلِكَ مِنْ عِلْمٍ، إِنْ هُمْ إِلَّا يَظُنُّونَ. وَإِذا تُتْلى عَلَيْهِمْ آياتُنا بَيِّناتٍ ما كانَ حُجَّتَهُمْ إِلَّا أَنْ قالُوا: ائْتُوا بِآبائِنا إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ. قُلِ: اللَّهُ يُحْيِيكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يَجْمَعُكُمْ إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ لا رَيْبَ فِيهِ. وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ» ..
ويجوز أن يكون هؤلاء جميعا فريقا واحدا من الناس يصدر منه هذا وذاك، ويصفه القرآن في السورة هنا وهناك. كما يجوز أن يكونوا فرقا متعددة ممن واجهوا الدعوة في مكة. بما في ذلك بعض أهل الكتاب، وقليل منهم كان في مكة. ويجوز أن تكون هذه إشارة عن هذا الفريق ليعتبر بها أهل مكة دون أن يقتضي هذا وجوده في مكة بالذات في ذلك الحين.
وعلى أية حال فقد واجه القرآن هؤلاء الناس بصفاتهم تلك وتصرفاتهم، وتحدث عنهم في هذه السورة ذلك الحديث.. كذلك واجههم بآيات الله في الآفاق وفي أنفسهم، وحذرهم حساب يوم القيامة، وبصرهم بما جرى لمن قبلهم ممن انحرفوا عن دين الله القويم.
واجههم بآيات الله في هذا الأسلوب البسيط المؤثر العميق:
«إِنَّ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ لَآياتٍ لِلْمُؤْمِنِينَ. وَفِي خَلْقِكُمْ وَما يَبُثُّ مِنْ دابَّةٍ آياتٌ لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ. وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهارِ وَما أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ السَّماءِ مِنْ رِزْقٍ فَأَحْيا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها، وَتَصْرِيفِ الرِّياحِ آياتٌ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ. تِلْكَ آياتُ اللَّهِ نَتْلُوها عَلَيْكَ بِالْحَقِّ، فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَ اللَّهِ وَآياتِهِ يُؤْمِنُونَ؟» ..
وواجههم بها مرة أخرى في صورة نعم من أنعم الله عليهم يغفلون عن تذكرها وتدبرها:
«اللَّهُ الَّذِي سَخَّرَ لَكُمُ الْبَحْرَ لِتَجْرِيَ الْفُلْكُ فِيهِ بِأَمْرِهِ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ. وَسَخَّرَ لَكُمْ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً مِنْهُ. إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ» ..
كذلك واجههم بحالهم يوم القيامة الذي ينكرونه أو يمارون فيه:
«وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يَوْمَئِذٍ يَخْسَرُ الْمُبْطِلُونَ. وَتَرى كُلَّ أُمَّةٍ جاثِيَةً. كُلُّ أُمَّةٍ تُدْعى إِلى كِتابِهَا. الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ ما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ. هذا كِتابُنا يَنْطِقُ عَلَيْكُمْ بِالْحَقِّ إِنَّا كُنَّا نَسْتَنْسِخُ ما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ. فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ فَيُدْخِلُهُمْ رَبُّهُمْ فِي رَحْمَتِهِ. ذلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْمُبِينُ. وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا أَفَلَمْ تَكُنْ آياتِي تُتْلى عَلَيْكُمْ فَاسْتَكْبَرْتُمْ وَكُنْتُمْ قَوْماً مُجْرِمِينَ؟ وَإِذا قِيلَ: إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَالسَّاعَةُ لا رَيْبَ فِيها. قُلْتُمْ: ما نَدْرِي مَا السَّاعَةُ، إِنْ نَظُنُّ إِلَّا ظَنًّا، وَما نَحْنُ بِمُسْتَيْقِنِينَ. وَبَدا لَهُمْ سَيِّئاتُ ما عَمِلُوا، وَحاقَ بِهِمْ ما كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ. وَقِيلَ: الْيَوْمَ نَنْساكُمْ كَما نَسِيتُمْ لِقاءَ يَوْمِكُمْ هذا، وَمَأْواكُمُ النَّارُ، وَما لَكُمْ مِنْ ناصِرِينَ: ذلِكُمْ بِأَنَّكُمُ اتَّخَذْتُمْ آياتِ اللَّهِ هُزُواً وَغَرَّتْكُمُ الْحَياةُ الدُّنْيا فَالْيَوْمَ لا يُخْرَجُونَ مِنْها وَلا هُمْ يُسْتَعْتَبُونَ» ..

نام کتاب : في ظلال القرآن نویسنده : سيد قطب    جلد : 5  صفحه : 3220
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست