responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : في ظلال القرآن نویسنده : سيد قطب    جلد : 5  صفحه : 3217
«إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي مَقامٍ أَمِينٍ. فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ. يَلْبَسُونَ مِنْ سُندُسٍ وَإِسْتَبْرَقٍ مُتَقابِلِينَ. كَذلِكَ وَزَوَّجْناهُمْ بِحُورٍ عِينٍ. يَدْعُونَ فِيها بِكُلِّ فاكِهَةٍ آمِنِينَ. لا يَذُوقُونَ فِيهَا الْمَوْتَ إِلَّا الْمَوْتَةَ الْأُولى وَوَقاهُمْ عَذابَ الْجَحِيمِ. فَضْلًا مِنْ رَبِّكَ. ذلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ»
..
ويبدأ المشهد بعرض لشجرة الزقوم، بعد تقرير أنها طعام الأثيم. عرض مفزع مرعب مخيف. إن هذا الطعام مثل دردي الزيت المغلي- وهو المهل- يغلي في البطون كغلي الحميم. وهناك هذا الأثيم. هذا المتعالي على ربه وعلى الرسول الأمين. وهذا هو الأمر العالي يصدر إلى الزبانية ليأخذوه في عنف يليق بمقامه «الْكَرِيمُ!» :
«خُذُوهُ فَاعْتِلُوهُ إِلى سَواءِ الْجَحِيمِ. ثُمَّ صُبُّوا فَوْقَ رَأْسِهِ مِنْ عَذابِ الْحَمِيمِ» ..
«خذوه أخذا واعتلوه عتلا، وشدوه في إهانة وجفوة فلا كرامة ولا هوادة. وهناك صبوا فوق رأسه من ذلك الحميم المغلي الذي يشوي ويكوي. ومع الشد والجذب والدفع والعتل والكي والشيء.. التأنيب والترذيل:
«ذُقْ. إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْكَرِيمُ» ..
وهذا جزاء العزيز الكريم في غير ما عزة ولا كرامة، فقد كان ذلك على الله وعلى المرسلين! «إِنَّ هذا ما كُنْتُمْ بِهِ تَمْتَرُونَ» ..
فقد كنتم تشكون في هذا اليوم كما كنتم تسخرون وتستهزئون! وبينما الأخذ والعتل، والصب والكي، والتأنيب والخزي.. في جانب من جوانب الساحة.. يمتد البصر- بعين الخيال- إلى الجانب الآخر. فإذا «المتقون» الذين كانوا يخشون هذا اليوم ويخافون. إذا هم: «فِي مَقامٍ أَمِينٍ» .. لا خوف فيه ولا فزع، ولا شد فيه ولا جذب، ولاعتل فيه ولاصب! بل هم منعمون رافلونِ ي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ»
.. يلبسون من سندس- وهو الحرير الرقيق- ومن إستبرق- وهو الحرير السميك- ويجلسون متقابلين في مجالسهم يسمرون. كل ذلك ومثله تزويجهم بحور عين، يتم بهن النعيم. وهم في الجنة أصحاب الدار، يطلبون ما يشاءون و «يَدْعُونَ فِيها بِكُلِّ فاكِهَةٍ آمِنِينَ» .. لا يتوقعون نهاية لهذا النعيم، فلا موت هنالك وقد ذاقوا الموتة الأولى، وغيرها لا يذوقون.. (وذلك في مقابل ما كان المشركون يقولون: «إِنْ هِيَ إِلَّا مَوْتَتُنَا الْأُولى وَما نَحْنُ بِمُنْشَرِينَ» .. فنعم إنها الموتة الأولى ولكن وراءها الجحيم والنعيم) . «وَوَقاهُمْ عَذابَ الْجَحِيمِ» .. تفضلا منه سبحانه. فالنجاة من العذاب لا تكون إلا بفضله ورحمته: «فَضْلًا مِنْ رَبِّكَ. ذلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ» .. وأي فوز عظيم؟! وفي ظل هذا المشهد العنيف العميق المؤثر بجانبيه تختم السورة بالتذكير بنعمة الرسالة والتخويف من عاقبة التكذيب:
«فَإِنَّما يَسَّرْناهُ بِلِسانِكَ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ. فَارْتَقِبْ إِنَّهُمْ مُرْتَقِبُونَ» ..
وهو ختام يلخص جو السورة وظلها. ويتناسق مع بدئها وخط سيرها. فقد بدأت بذكر الكتاب وتنزيله للإنذار والتذكير، وورد في سياقها ما ينتظر المكذبين. «يَوْمَ نَبْطِشُ الْبَطْشَةَ الْكُبْرى إِنَّا مُنْتَقِمُونَ» .. فجاء هذا الختام يذكرهم بنعمة الله في تيسير هذا القرآن على لسان الرسول العربي الذي يفهمونه ويدركون معانيه.
ويخوفهم العاقبة والمصير، في تعبير ملفوف. ولكنه مخيف: «فَارْتَقِبْ إِنَّهُمْ مُرْتَقِبُونَ» ..

نام کتاب : في ظلال القرآن نویسنده : سيد قطب    جلد : 5  صفحه : 3217
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست