نام کتاب : في ظلال القرآن نویسنده : سيد قطب جلد : 5 صفحه : 3172
«وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ» .. وهناك توكيد على تخصيص هذه المسألة، مسألة الهدى، بمشيئة الله سبحانه، وتجريدها من كل ملابسة، وتعليقها بالله وحده يقدرها لمن يشاء بعلمه الخاص، الذي لا يعرفه سواه والرسول- صلّى الله عليه وسلّم- واسطة لتحقيق مشيئة الله، فهو لا ينشئ الهدى في القلوب ولكن يبلغ الرسالة، فتقع مشيئة الله.
«وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ. صِراطِ اللَّهِ الَّذِي لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ» .. فهي الهداية إلى طريق الله، الذي تلتقي عنده المسالك. لأنه الطريق إلى المالك، الذي له ما في السماوات وما في الأرض فالذي يهتدي إلى طريقه يهتدي إلى ناموس السماوات والأرض، وقوى السماوات والأرض، ورزق السماوات والأرض، واتجاه السماوات والأرض إلى مالكها العظيم. الذي إليه تتجه، والذي إليه تصير:
«أَلا إِلَى اللَّهِ تَصِيرُ الْأُمُورُ» ..
فكلها تنتهي إليه، وتلتقي عنده، وهو يقضي فيها بأمره.
وهذا النور يهدي إلى طريقه الذي اختار للعباد أن يسيروا فيه، ليصيروا إليه في النهاية مهتدين طائعين.
وهكذا تنتهي السورة التي بدأت بالحديث عن الوحي. وكان الوحي محورها الرئيسي. وقد عالجت قصة الوحي منذ النبوات الأولى. لتقرر وحدة الدين، ووحدة المنهج، ووحدة الطريق. ولتعلن القيادة الجديدة للبشرية ممثلة في رسالة محمد- صلّى الله عليه وسلّم- وفي العصبة المؤمنة بهذه الرسالة. ولتكل إلى هذه العصبة أمانة القيادة إلى صراط مستقيم. صراط الله الذي له ما في السماوات وما في الأرض. ولتبين خصائص هذه العصبة وطابعها المميز، الذي تصلح به للقيادة، وتحمل به هذه الأمانة. الأمانة التي تنزلت من السماء إلى الأرض عن ذلك الطريق العجيب العظيم..
نام کتاب : في ظلال القرآن نویسنده : سيد قطب جلد : 5 صفحه : 3172