responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : في ظلال القرآن نویسنده : سيد قطب    جلد : 5  صفحه : 3137
هذا مع أن السورة تتوسع في الحديث عن حقيقة الوحدانية، وتعرضها من جوانب متعددة كما أنها تتحدث عن حقيقة القيامة والإيمان بها ويأتي ذكر الآخرة ومشاهدها في مواضع متعددة منها. وكذلك تتناول عرض صفات المؤمنين وأخلاقهم التي يمتازون بها. كما تلم بقضية الرزق: بسطه وقبضه وصفة الإنسان في السراء والضراء.
ولكن حقيقة الوحي والرسالة، وما يتصل بها، تظل- مع ذلك- هي الحقيقة البارزة في محيط السورة، والتي تطبعها وتظللها. وكأن سائر الموضوعات الأخرى مسوقة لتقوية تلك الحقيقة الأولى وتوكيدها.
ويسير سياق السورة في عرض تلك الحقيقة، وما يصاحبها من موضوعات أخرى بطريقة تدعو إلى مزيد من التدبر والملاحظة. فهي تعرض من جوانب متعددة. يفترق بعضها عن بعض ببضع آيات تتحدث عن وحدانية الخالق. أو وحدانية الرازق. أو وحدانية المتصرف في القلوب. أو وحدانية المتصرف في المصير.. ذلك بينما يتجه الحديث عن حقيقة الوحي والرسالة إلى تقرير وحدانية الموحي- سبحانه- ووحدة الوحي. ووحدة العقيدة. ووحدة المنهج والطريق. وأخيرا وحدة القيادة البشرية في ظل العقيدة.
ومن ثم يرتسم في النفس خط الوحدانية بارزا واضحا، بشتى معانيه وشتى ظلاله وشتى إيحاءاته، من وراء موضوعات السورة جميعا.. ونضرب بعض الأمثلة من السورة إجمالا، قبل أن نأخذ في التفصيل:
تبدأ بالأحرف المقطعة: «حا. ميم. عين. سين. قاف» .. يليها: «كَذلِكَ يُوحِي إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ اللَّهُ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ» .. مقررا وحدة مصدر الوحي في الأولين والآخرين: «إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ» ..
ثم يستطرد السياق في صفة الله العزيز الحكيم: «لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ» ..
مقررا وحدانية المالك لما في السماوات والأرض واستعلاءه وعظمته على وجه الانفراد.
ثم يستطرد استطرادا آخر في وصف حال الكون تجاه قضية الإيمان بالمالك الواحد، وتجاه الشرك الذي يشذ به بعض الناس: «تَكادُ السَّماواتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْ فَوْقِهِنَّ، وَالْمَلائِكَةُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ، وَيَسْتَغْفِرُونَ لِمَنْ فِي الْأَرْضِ، أَلا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ، وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِياءَ، اللَّهُ حَفِيظٌ عَلَيْهِمْ، وَما أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِوَكِيلٍ» .. فإذا الكون كله مشغول بقضية الإيمان والشرك حتى إن السماوات ليكدن يتفطرن من شذوذ بعض أهل الأرض، بينما الملائكة يستغفرون لمن في الأرض جميعا من هذه الفعلة الشنعاء التي جاء بها بعض المنحرفين! وبعد هذه الجولة يعود السياق إلى الحقيقة الأولى: «وَكَذلِكَ أَوْحَيْنا إِلَيْكَ، قُرْآناً عَرَبِيًّا لِتُنْذِرَ أُمَّ الْقُرى وَمَنْ حَوْلَها، وَتُنْذِرَ يَوْمَ الْجَمْعِ لا رَيْبَ فِيهِ، فَرِيقٌ فِي الْجَنَّةِ وَفَرِيقٌ فِي السَّعِيرِ» ..
ثم يستطرد مع «فَرِيقٌ فِي الْجَنَّةِ وَفَرِيقٌ فِي السَّعِيرِ» .. فيقرر أن لو شاء الله لجعلهم أمة واحدة. ولكن مشيئته اقتضت- بما له من علم وحكمة- أن يدخل من يشاء في رحمته «وَالظَّالِمُونَ ما لَهُمْ مِنْ وَلِيٍّ وَلا نَصِيرٍ» ..
ويقرر أن الله وحده هو الولي «وَهُوَ يُحْيِ الْمَوْتى وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ» ..
ومن ثم يعود إلى الحقيقة الأولى، حقيقة الوحي والرسالة، فيقرر أن الحكم فيما يختلف فيه البشر من شيء هو الله الذي أنزل هذا القرآن ليرجع إليه الناس في كل اختلاف: «وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِنْ شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ. ذلِكُمُ اللَّهُ رَبِّي عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ، وَإِلَيْهِ أُنِيبُ» ..
ويستطرد مع الربوبية إلى وحدانية الخالق، وتفرد ذاته. ووحدانية المتصرف في مقادير السماوات والأرض، وفي بسط الرزق وقبضه. وفي علمه بكل شيء:

نام کتاب : في ظلال القرآن نویسنده : سيد قطب    جلد : 5  صفحه : 3137
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست