responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : في ظلال القرآن نویسنده : سيد قطب    جلد : 5  صفحه : 2940
وعجز عن الانفعال والاستجابة الآخذين من النبع الحقيقي، المؤثرين في سير الحياة! ولكل طبيعته ولكل جزاؤه، ولن يستوي عند الله هذا وذاك.
وهنا يلتفت إلى النبي- صلّى الله عليه وسلّم- يعزيه ويسري عنه، بتقرير حدود عمله وواجبه في دعوة الله. وترك ما تبقى بعد ذلك لصاحب الأمر يفعل به ما يشاء:
«إِنَّ اللَّهَ يُسْمِعُ مَنْ يَشاءُ. وَما أَنْتَ بِمُسْمِعٍ مَنْ فِي الْقُبُورِ. إِنْ أَنْتَ إِلَّا نَذِيرٌ. إِنَّا أَرْسَلْناكَ بِالْحَقِّ بَشِيراً وَنَذِيراً، وَإِنْ مِنْ أُمَّةٍ إِلَّا خَلا فِيها نَذِيرٌ. وَإِنْ يُكَذِّبُوكَ فَقَدْ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ جاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّناتِ وَبِالزُّبُرِ وَبِالْكِتابِ الْمُنِيرِ. ثُمَّ أَخَذْتُ الَّذِينَ كَفَرُوا. فَكَيْفَ كانَ نَكِيرِ؟» ..
إن الفوارق أصيلة في طبيعة الكون وفي طبيعة النفس. واختلاف طباع الناس واختلاف استقبالهم لدعوة الله أصيل أصالة الفوارق الكونية في البصر والعمى، والظل والحرور، والظلمات والنور، والحياة والموت. ووراء ذلك كله تقدير الله وحكمته. وقدرته على ما يشاء.
وإذن فالرسول ليس إلا نذيرا. وقدرته البشرية تقف عند هذا الحد. فما هو بمسمع من في القبور. ولا من يعيشون بقلوب ميتة فهم كأهل القبور! والله وحده هو القادر على إسماع من يشاء، وفق ما يشاء، حسبما يشاء. فماذا على الرسول أن يضل من يضل، ويعرض من يعرض متى أدى الأمانة، وبلغ الرسالة، فسمع من شاء الله أن يسمع، وأعرض من شاء الله أن يعرض؟
ومن قبل قال الله لرسوله- صلّى الله عليه وسلّم-: «فَلا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَراتٍ» .
لقد أرسله الله بالحق بشيرا ونذيرا. شأنه شأن إخوانه من الرسل- صلوات الله عليهم- وهم كثير. فما من أمة إلا سبق فيها رسول:
«وَإِنْ مِنْ أُمَّةٍ إِلَّا خَلا فِيها نَذِيرٌ» .
فإن لقي من قومه التكذيب، فتلك هي طبيعة الأقوام في استقبال الرسل لا عن تقصير من الرسل، ولا عن نقص في الدليل:
«وَإِنْ يُكَذِّبُوكَ فَقَدْ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ. جاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّناتِ وَبِالزُّبُرِ وَبِالْكِتابِ الْمُنِيرِ» ..
والبينات الحجج في صورها الكثيرة، ومنها الخوارق المعجزة التي كانوا يطلبون أو يتحداهم بها الرسول.
والزبر الصحف المتفرقة بالمواعظ والنصائح والتوجيهات والتكاليف. والكتاب المنير. الأرجح أنه كتاب موسى.
التوراة. وكلهم كذبوا بالبينات والزبر والكتاب المنير.
هذا كان شأن أمم كثيرة في استقبال رسلهم وما معهم من دلائل الهدى. فالأمر إذن ليس جديدا، وليس فريدا، إنما هو ماض مع سنة الأولين.
وهنا يعرض على المشركين مصائر المكذبين. لعلهم يحذرون:
«ثُمَّ أَخَذْتُ الَّذِينَ كَفَرُوا» ..
ويسأل سؤال تعجيب وتهويل:
«فَكَيْفَ كانَ نَكِيرِ؟» ..

نام کتاب : في ظلال القرآن نویسنده : سيد قطب    جلد : 5  صفحه : 2940
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست