responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : في ظلال القرآن نویسنده : سيد قطب    جلد : 5  صفحه : 2862
وفي التعبير إيحاءات كثيرة، كلها رفاف، رفيق، حنون..
فهو يسميهم «أَهْلَ الْبَيْتِ» بدون وصف للبيت ولا إضافة. كأنما هذا البيت هو «الْبَيْتِ» الواحد في هذا العالم، المستحق لهذه الصفة. فإذا قيل «الْبَيْتِ» فقد عرف وحدد ووصف. ومثل هذا قيل عن الكعبة. بيت الله. فسميت البيت. والبيت الحرام. فالتعبير عن بيت رسول الله- صلّى الله عليه وسلّم- كذلك تكريم وتشريف واختصاص عظيم.
وهو يقول: «إِنَّما يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ- أَهْلَ الْبَيْتِ- وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً» .. وفي العبارة تلطف ببيان علة التكليف وغايته. تلطف يشي بأن الله سبحانه- يشعرهم بأنه بذاته العلية- يتولى تطهيرهم وإذهاب الرجس عنهم. وهي رعاية علوية مباشرة بأهل هذا البيت. وحين نتصور من هو القائل- سبحانه وتعالى- رب هذا الكون. الذي قال للكون: كن. فكان. الله ذو الجلال والإكرام. المهيمن العزيز الجبار المتكبر.. حين نتصور من هو القائل- جل وعلا- ندرك مدى هذا التكريم العظيم.
وهو- سبحانه- يقول هذا في كتابه الذي يتلى في الملأ الأعلى، ويتلى في هذه الأرض، في كل بقعة وفي كل أوان وتتعبد به ملايين القلوب، وتتحرك به ملايين الشفاه.
وأخيرا فإنه يجعل تلك الأوامر والتوجيهات وسيلة لإذهاب الرجس وتطهير البيت. فالتطهير من التطهر، وإذهاب الرجس يتم بوسائل يأخذ الناس بها أنفسهم، ويحققونها في واقع الحياة العملي. وهذا هو طريق الإسلام..
شعور وتقوى في الضمير. وسلوك وعمل في الحياة. يتم بهما معا تمام الإسلام، وتتحقق بهما أهدافه واتجاهاته في الحياة.
ويختم هذه التوجيهات لنساء النبي- صلّى الله عليه وسلّم- بمثل ما بدأها به.. بتذكيرهن بعلو مكانتهن، وامتيازهن على النساء، بمكانهن من رسول الله- صلّى الله عليه وسلّم- وبما أنعم الله عليهن فجعل بيوتهن مهبط القرآن ومنزل الحكمة، ومشرق النور والهدى والإيمان:
«وَاذْكُرْنَ ما يُتْلى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آياتِ اللَّهِ وَالْحِكْمَةِ. إِنَّ اللَّهَ كانَ لَطِيفاً خَبِيراً» ..
وإنه لحظ عظيم يكفي التذكير به، لتحس النفس جلالة قدره، ولطيف صنع الله فيه، وجزالة النعمة التي لا يعدلها نعيم.
وهذا التذكير يجيء كذلك في ختام الخطاب الذي بدأ بتخيير نساء النبي- صلّى الله عليه وسلّم- بين متاع الحياة الدنيا وزينتها، وإيثار الله ورسوله والدار الآخرة. فتبدو جزالة النعمة التي ميزهن الله بها وضآلة الحياة الدنيا بمتاعها كله وزينتها..
وفي صدد تطهير الجماعة الإسلامية، وإقامة حياتها على القيم التي جاء بها الإسلام. الرجال والنساء في هذا سواء. لأنهم في هذا المجال سواء.. يذكر الصفات التي تحقق تلك القيم في دقة وإسهاب وتفصيل:
«إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِماتِ، وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ، وَالْقانِتِينَ وَالْقانِتاتِ، وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقاتِ، وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِراتِ، وَالْخاشِعِينَ وَالْخاشِعاتِ، وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقاتِ، وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِماتِ، وَالْحافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحافِظاتِ، وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيراً وَالذَّاكِراتِ.. أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً» ..
وهذه الصفات الكثيرة التي جمعت في هذه الآية تتعاون في تكوين النفس المسلمة. فهي الإسلام، والإيمان،

نام کتاب : في ظلال القرآن نویسنده : سيد قطب    جلد : 5  صفحه : 2862
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست