نام کتاب : في ظلال القرآن نویسنده : سيد قطب جلد : 5 صفحه : 2846
ومنذ هذا اليوم بدأت الحرب التي لم تضع أوزارها قط حتى اليوم بين الإسلام ويهود! لقد بدأت في أول الأمر حربا باردة، بتعبير أيامنا هذه. بدأت حرب دعاية ضد محمد- عليه الصلاة والسّلام- وضد الإسلام. واتخذوا في الحرب أساليب شتى مما عرف به اليهود في تاريخهم كله. اتخذوا خطة التشكيك في رسالة محمد- صلّى الله عليه وسلّم- وإلقاء الشبهات حول العقيدة الجديدة. واتخذوا طريقة الدس بين بعض المسلمين وبعض. بين الأوس والخزرج مرة، وبين الأنصار والمهاجرين مرة. واتخذوا طريقة التجسس على المسلمين لحساب أعدائهم من المشركين. واتخذوا طريقة اتخاذ بطانة من المنافقين الذين يظهرون الإسلام يوقعون بواسطتهم الفتنة في صفوف المسلمين.. وأخيرا أسفروا عن وجوههم واتخذوا طريق التأليب على المسلمين، كالذي حدث في غزوة الأحزاب..
وكانت أهم طوائفهم بني قينقاع، وبني النضير، وبني قريظة. وكان لكل منها شأن مع رسول الله- صلّى الله عليه وسلّم- ومع المسلمين.
فأما بنو قينقاع وكانوا أشجع يهود، فقد حقدوا على المسلمين انتصارهم ببدر وأخذوا يتحرشون بهم ويتنكرون للعهد الذي بينهم وبين رسول الله- صلّى الله عليه وسلّم- خيفة أن يستفحل أمره فلا يعودون يملكون مقاومته، بعد ما انتصر على قريش في أول اشتباك بينه وبينهم.
وقد ذكر ابن هشام في السيرة عن طريق ابن إسحاق ما كان من أمرهم قال:
وكان من حديث بني قينقاع أن رسول الله- صلّى الله عليه وسلّم- جمعهم بسوق بني قينقاع ثم قال:
«يا معشر يهود، احذروا من الله مثل ما نزل بقريش من النقمة، وأسلموا، فإنكم قد عرفتم أني نبي مرسل، تجدون ذلك في كتابكم وعهد الله إليكم» قالوا: يا محمد، إنك ترى أنا قومك، لا يغرنك أنك لقيت قوما لا علم لهم بالحرب، فأصبت منهم فرصة. إنا والله لئن حاربناك لتعلمن أنا نحن الناس.
وذكر ابن هشام عن طريق عبد الله بن جعفر قال:
كان من أمر بني قينقاع أن امرأة من العرب قدمت بحلب لها فباعته بسوق بني قينقاع، وجلست إلى صائغ بها، فجعلوا يريدونها على كشف وجهها فأبت، فعمد الصائغ إلى طرف ثوبها، فعقده إلى ظهرها، فلما قامت انكشفت سوءتها، فضحكوا بها، فصاحت. فوثب رجل من المسلمين على الصائغ فقتله، وكان يهوديا، وشدت يهود على المسلم فقتلوه، فاستصرخ أهل المسلم المسلمين على اليهود، فغضب المسلمون، فوقع الشر بينهم وبين بني قينقاع.
وأكمل ابن إسحاق سياق الحادث قال:
فحاصرهم رسول الله- صلّى الله عليه وسلّم- حتى نزلوا على حكمه، فقام عبد الله بن أبي بن سلول [1] ، حين أمكنة الله منهم، فقال: يا محمد، أحسن في موالي- وكانوا حلفاء الخزرج- قال: فأبطأ عليه رسول الله- صلّى الله عليه وسلم- فقال: يا محمد أحسن في موالي. قال: فأعرض عنه. فأدخل يده في جيب درع رسول الله- صلّى الله عليه وسلّم- فقال له رسول الله- صلّى الله عليه وسلّم- أرسلني. وغضب رسول الله- صلّى الله عليه وسلّم- حتى رأوا لوجهه ظللا. ثم قال: ويحك! أرسلني. قال: لا والله لا أرسلك حتى تحسن في مواليّ. أربع مائة حاسر. وثلاث مائة دارع، قد منعوني من الأحمر والأسود. تحصدهم في غداة واحدة. [1] رأس المنافقين.
نام کتاب : في ظلال القرآن نویسنده : سيد قطب جلد : 5 صفحه : 2846