responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : في ظلال القرآن نویسنده : سيد قطب    جلد : 5  صفحه : 2771
نعمة الله ورحمته وهذا الكفر الذي ينتهون إليه:
«أَمْ أَنْزَلْنا عَلَيْهِمْ سُلْطاناً فَهُوَ يَتَكَلَّمُ بِما كانُوا بِهِ يُشْرِكُونَ؟» ..
فإنه لا ينبغي لبشر أن يتلقى شيئا في أمر عقيدته إلا من الله. فهل أنزلنا عليهم حجة ذات قوة وسلطان تشهد بهذا الشرك الذي يتخذونه؟ وهو سؤال استنكاري تهكمي، يكشف عن تهافت عقيدة الشرك، التي لا تستند إلى حجة ولا تقوم على دليل. ثم هو سؤال تقريري من جانب آخر، يقرر أنه لا عقيدة إلا ما يتنزل من عند الله. وما يأتي بسلطان من عنده. وإلا فهو واهن ضعيف.
ثم يعرض صفحة أخرى من صفحات النفس البشرية في الفرح بالرحمة فرح الخفة والاغترار والقنوط من الشدة واليأس من رحمة الله:
«وَإِذا أَذَقْنَا النَّاسَ رَحْمَةً فَرِحُوا بِها، وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ بِما قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ إِذا هُمْ يَقْنَطُونَ» ..
وهي كذلك صورة للنفس التي لا ترتبط بخط ثابت تقيس إليه أمرها في جميع الأحوال وميزان دقيق لا يضطرب مع التقلبات. والناس هنا مقصود بهم أولئك الذين لا يرتبطون بذلك الخط ولا يزنون بهذا الميزان. فهم يفرحون بالرحمة فرح البطر الذي ينسيهم مصدرها وحكمتها، فيطيرون بها، ويستغرقون فيها، ولا يشكرون المنعم، ولا يستيقظون إلى ما في النعمة من امتحان وابتلاء. حتى إذا شاءت إرادة الله أن تأخذهم بعملهم فتذيقهم حالة «سَيِّئَةٌ» عموا كذلك عن حكمة الله في الابتلاء بالشدة، وفقدوا كل رجاء في أن يكشف الله عنهم الغمة وقنطوا من رحمته ويئسوا من فرجه.. وذلك شأن القلوب المنقطعة عن الله، التي لا تدرك سننه ولا تعرف حكمته. أولئك الذين لا يعلمون. يعلمون ظاهرا من الحياة الدنيا! ويعقب على هذه الصورة بسؤال استنكاري يعجب فيه من أمرهم، وقصر نظرهم وعمى بصيرتهم. فالأمر في السراء والضراء يتبع قانونا ثابتا، ويرجع إلى مشيئة الله سبحانه، فهو الذي ينعم بالرحمة، ويبتلي بالشدة ويبسط الرزق ويضيقه وفق سنته، وبمقتضى حكمته. وهذا ما يقع كل آن، ولكنهم هم لا يبصرون:
«أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشاءُ وَيَقْدِرُ؟» ..
فلا داعي للفرح والبطر عند البسط، ولا لليأس والقنوط عند القبض فإنما هي أحوال تتعاور الناس وفق حكمة الله، وفيها للقلب المؤمن دلالة على أن مرد الأمر كله لله، ودلالة على اطراد السنة، وثبات النظام، رغم تقلب الأحوال:
«إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ» ..
وإذا كان الله هو الذي يبسط الرزق ويقبضه وهو الذي يعطي ويمنع وفق مشيئته فهو يبين للناس الطريق الذي تربو أموالهم فيه وتربح. لا كما يظنون هم، بل كما يهديهم الله:
«فَآتِ ذَا الْقُرْبى حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ. ذلِكَ خَيْرٌ لِلَّذِينَ يُرِيدُونَ وَجْهَ اللَّهِ وَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ. وَما آتَيْتُمْ مِنْ رِباً لِيَرْبُوَا فِي أَمْوالِ النَّاسِ فَلا يَرْبُوا عِنْدَ اللَّهِ وَما آتَيْتُمْ مِنْ زَكاةٍ تُرِيدُونَ وَجْهَ اللَّهِ فَأُولئِكَ هُمُ الْمُضْعِفُونَ» ..
وما دام المال مال الله، أعطاه رزقا لبعض عباده، فالله صاحب المال الأول قد قرر قسما منه لفئات من عباده، يؤديها إليهم من يضع يده على ذلك المال. ومن ثم سماها حقا. ويذكر هنا من هذه الفئات «ذا القربى

نام کتاب : في ظلال القرآن نویسنده : سيد قطب    جلد : 5  صفحه : 2771
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست