نام کتاب : في ظلال القرآن نویسنده : سيد قطب جلد : 5 صفحه : 2752
وهو التهديد من طرف خفي بسوء ما سوف يعلمون! ثم يذكر هم بنعمة الله عليهم في إعطائهم هذا الحرم الآمن الذي يعيشون فيه فلا يذكرون نعمة الله ولا يشكرونها بتوحيده وعبادته. بل إنهم ليروعون المؤمنين فيه:
«أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنا حَرَماً آمِناً وَيُتَخَطَّفُ النَّاسُ مِنْ حَوْلِهِمْ؟ أَفَبِالْباطِلِ يُؤْمِنُونَ وَبِنِعْمَةِ اللَّهِ يَكْفُرُونَ؟» ..
ولقد كان أهل الحرم المكي يعيشون في أمن، يعظمهم الناس من أجل بيت الله، ومن حولهم القبائل تتناحر، ويفزع بعضهم بعضا، فلا يجدون الأمان إلا في ظل البيت الذي آمنهم الله به وفيه. فكان عجيبا أن يجعلوا من بيت الله مسرحا للأصنام، ولعبادة غير الله أيا كان! «أَفَبِالْباطِلِ يُؤْمِنُونَ؟ وَبِنِعْمَةِ اللَّهِ يَكْفُرُونَ؟» «وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرى عَلَى اللَّهِ كَذِباً أَوْ كَذَّبَ بِالْحَقِّ لَمَّا جاءَهُ؟ أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوىً لِلْكافِرِينَ؟» ..
وهم قد افتروا على الله الكذب بنسبة الشركاء إليه. وهم كذبوا بالحق لما جاءهم وجحدوا به. أليس في جهنم مثوى للكافرين؟ بلى وعن يقين! ويختم السورة بصورة الفريق الآخر. الذين جاهدوا في الله ليصلوا إليه ويتصلوا به. الذين احتملوا في الطريق إليه ما احتملوا فلم ينكصوا ولم ييأسوا. الذين صبروا على فتنة النفس وعلى فتنة الناس. الذين حملوا أعباءهم وساروا في ذلك الطريق الطويل الشاق الغريب.. أولئك لن يتركهم الله وحدهم ولن يضيع إيمانهم، ولن ينسى جهادهم. إنه سينظر إليهم من عليائه فيرضاهم. وسينظر إلى جهادهم إليه فيهديهم. وسينظر إلى محاولتهم الوصول فيأخذ بأيديهم. وسينظر إلى صبرهم وإحسانهم فيجازيهم خير الجزاء:
«وَالَّذِينَ جاهَدُوا فِينا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنا. وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ» ..
نام کتاب : في ظلال القرآن نویسنده : سيد قطب جلد : 5 صفحه : 2752