responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : في ظلال القرآن نویسنده : سيد قطب    جلد : 5  صفحه : 2695
وفي هذا الموضع كانت حلقة المباراة مع السحرة. وهي محذوفة هنا للتعجيل بالنهاية:
«وَاسْتَكْبَرَ هُوَ وَجُنُودُهُ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ، وَظَنُّوا أَنَّهُمْ إِلَيْنا لا يُرْجَعُونَ» ..
فلما توهموا عدم الرجعة إلى الله استكبروا في الأرض بغير الحق، وكذبوا بالآيات والنذر (التي جاء ذكرها في مطلع هذه الحلقة، ووردت بالتفصيل في سور أخرى) .
«فَأَخَذْناهُ وَجُنُودَهُ فَنَبَذْناهُمْ فِي الْيَمِّ» .
هكذا في اختصار حاسم. أخذ شديد ونبذ في اليم. نبذ كما تحذف الحصاة أو كما يرمى بالحجر. اليم الذي ألقي في مثله موسى الطفل الرضيع، فكان مأمنا وملجأ. وهو ذاته الذي ينبذ فيه فرعون الجبار وجنوده فإذا هو مخافة ومهلكة. فالأمن إنما يكون في جناب الله، والمخافة إنما تكون في البعد عن ذلك الجناب.
«فَانْظُرْ كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الظَّالِمِينَ» ..
فهي عاقبة مشهودة معروضة للعالمين. وفيها عبرة للمعتبرين، ونذير للمكذبين. وفيها يد القدرة تعصف بالطغاة والمتجبرين في مثل لمح البصر، وفي أقل من نصف سطر! وفي لمحة أخرى يجتاز الحياة الدنيا ويقف بفرعون وجنوده في مشهد عجيب.. يدعون إلى النار، ويقودون إليها الأتباع والأنصار:
«وَجَعَلْناهُمْ أَئِمَّةً يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ» ..
فيا بئساها دعوة! ويا بئساها إمامة! «وَيَوْمَ الْقِيامَةِ لا يُنْصَرُونَ» ..
فهي الهزيمة في الدنيا، وهي الهزيمة في الآخرة، جزاء البغي والاستطالة. وليست الهزيمة وحدها، إنما هي اللعنة في هذه الأرض، والتقبيح في يوم القيامة:
«وَأَتْبَعْناهُمْ فِي هذِهِ الدُّنْيا لَعْنَةً، وَيَوْمَ الْقِيامَةِ هُمْ مِنَ الْمَقْبُوحِينَ» .
ولفظة «الْمَقْبُوحِينَ» ترسم بذاتها صورة القبح والفضيحة والتشنيع، وجو التفزز والاشمئزاز. ذلك في مقابل الاستعلاء والاستكبار في الأرض، وفتنة الناس بالمظهر والجاه، والتطاول على الله وعلى عباد الله.
ويعبر السياق هنا مرحلة الخروج ببني إسرائيل من مصر، وما حدث خلالها من أحداث، ليعجل بعرض نصيب موسى بعد عرض نصيب فرعون:
«وَلَقَدْ آتَيْنا مُوسَى الْكِتابَ مِنْ بَعْدِ ما أَهْلَكْنَا الْقُرُونَ الْأُولى، بَصائِرَ لِلنَّاسِ، وَهُدىً وَرَحْمَةً، لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ» ..
هذا نصيب موسى. وهو نصيب عظيم. وهذه عاقبة موسى. وهي عاقبة كريمة.. كتاب من الله يبصر الناس كأنه بصائرهم التي بها يهتدون، «وَهُدىً وَرَحْمَةً» .. «لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ» .. يتذكرون كيف تتدخل يد القدرة بين الطغاة والمستضعفين، فتختم للطغاة بالهلاك والتدمير، وتختم للمظلومين بالخير والتمكين.
وهكذا تنتهي قصة موسى وفرعون في هذه السورة. شاهدة بأن الأمن لا يكون إلا في جانب الله. وأن المخافة لا تكون إلا في البعد عن الله. ذلك إلى تدخل يد القدرة سافرة متحدية للطغيان والطغاة، حين تصبح القوة فتنة

نام کتاب : في ظلال القرآن نویسنده : سيد قطب    جلد : 5  صفحه : 2695
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست