responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : في ظلال القرآن نویسنده : سيد قطب    جلد : 5  صفحه : 2646
الشر المنكر الذي يبيتونه، وهو قتل صالح وأهله بياتا، وهو لا يدعوهم إلا لعبادة الله! وإنه لمن العجب كذلك أن يقولوا: «تَقاسَمُوا بِاللَّهِ لَنُبَيِّتَنَّهُ وَأَهْلَهُ ثُمَّ لَنَقُولَنَّ لِوَلِيِّهِ: ما شَهِدْنا مَهْلِكَ أَهْلِهِ» ولا حضرنا مقتله.. «وَإِنَّا لَصادِقُونَ» .. فقد قتلوهم في الظلام فلم يشهدوا هلاكهم أي لم يروه بسبب الظلام! وهو احتيال سطحي وحيلة ساذجة. ولكنهم يطمئنون أنفسهم بها، ويبررون كذبهم، الذي اعتزموه للتخلص من أولياء دم صالح وأهله. نعم من العجب أن يحرص مثل هؤلاء على أن يكونوا صادقين! ولكن النفس الإنسانية مليئة بالانحرافات والالتواءات، وبخاصة حين لا تهتدي بنور الإيمان، الذي يرسم لها الطريق المستقيم.
كذلك دبروا. وكذلك مكروا.. ولكن الله كان بالمرصاد يراهم ولا يرونه، ويعلم تدبيرهم ويطلع على مكرهم وهم لا يشعرون:
«وَمَكَرُوا مَكْراً، وَمَكَرْنا مَكْراً. وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ» ..
وأين مكر من مكر؟ وأين تدبير من تدبير؟ وأين قوة من قوة؟
وكم ذا يخطىء الجبارون وينخدعون بما يملكون من قوة ومن حيلة، ويغفلون عن العين التي ترى ولا تغفل، والقوة التي تملك الأمر كله وتباغتهم من حيث لا يشعرون:
«فَانْظُرْ كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ مَكْرِهِمْ. أَنَّا دَمَّرْناهُمْ وَقَوْمَهُمْ أَجْمَعِينَ. فَتِلْكَ بُيُوتُهُمْ خاوِيَةً بِما ظَلَمُوا» ..
ومن لمحة إلى لمحة إذا التدمير والهلاك، وإذا الدور الخاوية والبيوت الخالية. وقد كانوا منذ لحظة واحدة، في الآية السابقة من السورة، يدبرون ويمكرون، ويحسبون أنهم قادرون على تحقيق ما يمكرون! وهذه السرعة في عرض هذه الصفحة بعد هذه مقصودة في السياق. لتظهر المباغتة الحاسمة القاضية. مباغتة القدرة التي لا تغلب للمخدوعين بقوتهم ومباغتة التدبير الذي لا يخيب للماكرين المستعزين بمكرهم.
«إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ» .. والعلم هو الذي عليه التركيز في السورة وتعقيباتها على القصص والأحداث وبعد مشهد المباغتة يجيء ذكر نجاة المؤمنين الذين يخافون الله ويتقونه..
«وَأَنْجَيْنَا الَّذِينَ آمَنُوا وَكانُوا يَتَّقُونَ» ..
والذي يخاف الله يقيه سبحانه من المخاوف فلا يجمع عليه خوفين. كما جاء في حديث قدسي جليل.

[سورة النمل (27) : الآيات 54 الى 58]
وَلُوطاً إِذْ قالَ لِقَوْمِهِ أَتَأْتُونَ الْفاحِشَةَ وَأَنْتُمْ تُبْصِرُونَ (54) أَإِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجالَ شَهْوَةً مِنْ دُونِ النِّساءِ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ (55) فَما كانَ جَوابَ قَوْمِهِ إِلاَّ أَنْ قالُوا أَخْرِجُوا آلَ لُوطٍ مِنْ قَرْيَتِكُمْ إِنَّهُمْ أُناسٌ يَتَطَهَّرُونَ (56) فَأَنْجَيْناهُ وَأَهْلَهُ إِلاَّ امْرَأَتَهُ قَدَّرْناها مِنَ الْغابِرِينَ (57) وَأَمْطَرْنا عَلَيْهِمْ مَطَراً فَساءَ مَطَرُ الْمُنْذَرِينَ (58)
«1»

(1) هذه نهاية الجزء التاسع عشر في تقسيم المصحف. ولكننا تابعنا السياق إلى نهاية القصة.
نام کتاب : في ظلال القرآن نویسنده : سيد قطب    جلد : 5  صفحه : 2646
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست