responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : في ظلال القرآن نویسنده : سيد قطب    جلد : 5  صفحه : 2625
ومع ملكة سبأ وقومها. وفيها تظهر نعمة الله على داود وسليمان وقيامهما بشكر هذه النعمة. وهي نعمة العلم والملك والنبوة مع تسخير الجن والطير لسليمان. وفيها تظهر كذلك أصول العقيدة التي يدعو إليها كل رسول.
ويبرز بصفة خاصة استقبال ملكة سبأ وقومها لكتاب سليمان- وهو عبد من عباد الله- واستقبال قريش لكتاب الله. هؤلاء يكذبون ويجحدون. وأولئك يؤمنون ويسلمون. والله هو الذي وهب سليمان ما وهب، وسخر له ما سخر. وهو الذي يملك كل شيء، وهو الذي يعلم كل شيء. وما ملك سليمان وما علمه إلا قطرة من ذلك الفيض الذي لا يغيض.
وتليها قصة صالح مع قومه ثمود. ويبرز فيها تآمر المفسدين منهم عليه وعلى أهله، وتبييتهم قتله ثم مكر الله بالقوم، ونجاة صالح والمؤمنين معه، وتدمير ثمود مع المتآمرين: «فَتِلْكَ بُيُوتُهُمْ خاوِيَةً بِما ظَلَمُوا» .. وقد كانت قريش تتآمر على رسول الله- صلّى الله عليه وسلّم- وتبيت له، كما بيتت ثمود لصالح وللمؤمنين.
ويختم القصص بقصة لوط مع قومه. وهمهم بإخراجه من قريتهم هو والمؤمنون معه، بحجة أنهم أناس يتطهرون! وما كان من عاقبتهم بعد إذ هاجر لوط من بينهم، وتركهم للدمار: «وَأَمْطَرْنا عَلَيْهِمْ مَطَراً فَساءَ مَطَرُ الْمُنْذَرِينَ» ..
ولقد همت قريش بإخراج الرسول- صلّى الله عليه وسلّم- وتآمرت في ذلك قبل هجرته من بين ظهرانيهم بقليل.
فإذا انتهى القصص بدأ التعقيب بقوله: «قل: الحمد لله وسلام على عباده الذين اصطفى. آلله خير أم ما يشركون؟» .. ثم أخذ يطوف معهم في مشاهد الكون، وفي أغوار النفس. يريهم يد الصانع المدبر الخالق الرازق، الذي يعلم الغيب وحده، وهم إليه راجعون. ثم عرض عليهم أحد أشراط الساعة وبعض مشاهد القيامة، وما ينتظر المكذبين بالساعة في ذلك اليوم العظيم.
ويختم السورة بإيقاع يناسب موضوعها وجوها: «إِنَّما أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ رَبَّ هذِهِ الْبَلْدَةِ الَّذِي حَرَّمَها وَلَهُ كُلُّ شَيْءٍ، وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ. وَأَنْ أَتْلُوَا الْقُرْآنَ فَمَنِ اهْتَدى فَإِنَّما يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَقُلْ: إِنَّما أَنَا مِنَ الْمُنْذِرِينَ. وَقُلِ: الْحَمْدُ لِلَّهِ. سَيُرِيكُمْ آياتِهِ فَتَعْرِفُونَها، وَما رَبُّكَ بِغافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ» ..
والتركيز في هذه السورة على العلم. علم الله المطلق بالظاهر والباطن، وعلمه بالغيب خاصة. وآياته الكونية التي يكشفها للناس. والعلم الذي وهبه لداود وسليمان. وتعليم سليمان منطق الطير وتنويهه بهذا التعليم.. ومن ثم يجيء في مقدمة السورة: «وَإِنَّكَ لَتُلَقَّى الْقُرْآنَ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ عَلِيمٍ» . ويجيء في التعقيب «قُلْ: لا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ وَما يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ. بَلِ ادَّارَكَ عِلْمُهُمْ فِي الْآخِرَةِ» .. «وَإِنَّ رَبَّكَ لَيَعْلَمُ ما تُكِنُّ صُدُورُهُمْ وَما يُعْلِنُونَ. وَما مِنْ غائِبَةٍ فِي السَّماءِ وَالْأَرْضِ إِلَّا فِي كِتابٍ مُبِينٍ» ويجيء في الختام:
«سَيُرِيكُمْ آياتِهِ فَتَعْرِفُونَها» .. ويجيء في قصة سليمان: «وَلَقَدْ آتَيْنا داوُدَ وَسُلَيْمانَ عِلْماً وَقالا: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي فَضَّلَنا عَلى كَثِيرٍ مِنْ عِبادِهِ الْمُؤْمِنِينَ» .. وفي قول سليمان: «يا أَيُّهَا النَّاسُ عُلِّمْنا مَنْطِقَ الطَّيْرِ» .. وفي قول الهدهد: «أَلَّا يَسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي يُخْرِجُ الْخَبْءَ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَيَعْلَمُ ما تُخْفُونَ وَما تُعْلِنُونَ» . وعند ما يريد سليمان استحضار عرش الملكة، لا يقدر على إحضاره في غمضة عين عفريت من الجن، إنما يقدر على هذه: «الَّذِي عِنْدَهُ عِلْمٌ مِنَ الْكِتابِ» .
وهكذا تبرز صفة العلم في جو السورة تظللها بشتى الظلال في سياقها كله من المطلع إلى الختام. ويمضي سياق السورة كله في هذا الظل، حسب تتابعه الذي أسلفنا. فنأخذ في استعراضها تفصيلا.

نام کتاب : في ظلال القرآن نویسنده : سيد قطب    جلد : 5  صفحه : 2625
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست