responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : في ظلال القرآن نویسنده : سيد قطب    جلد : 5  صفحه : 2610
في خاطر القوم أن هذه المصانع وما ينشؤونه بوساطتها من البنيان كافية لحمايتهم من الموت، ووقايتهم من مؤثرات الجور ومن غارات الأعداء.
ويمضي هود في استنكار ما عليه قومه:
«وَإِذا بَطَشْتُمْ بَطَشْتُمْ جَبَّارِينَ» ..
فهم عتاة غلاظ، يتجبرون حين يبطشون ولا يتحرجون من القسوة في البطش. شأن المتجبرين المعتزين بالقوة المادية التي يملكون.
وهنا يردهم إلى تقوى الله وطاعة رسوله، لينهنه من هذه الغلظة الباطشة المتجبرة:
«فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ» .
ويذكرهم نعمة الله عليهم بما يستمتعون به ويتطاولون ويتجبرون. وكان الأجدر بهم أن يتذكروا فيشكروا، ويخشوا أن يسلبهم ما أعطاهم، وأن يعاقبهم على ما أسرفوا في العبث والبطش والبطر الذميم! «وَاتَّقُوا الَّذِي أَمَدَّكُمْ بِما تَعْلَمُونَ. أَمَدَّكُمْ بِأَنْعامٍ وَبَنِينَ. وَجَنَّاتٍ وَعُيُونٍ. إِنِّي أَخافُ عَلَيْكُمْ عَذابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ» ..
وهكذا يذكرهم بالمنعم والنعمة على وجه الإجمال أولا: «أَمَدَّكُمْ بِما تَعْلَمُونَ» . وهو حاضر بين أيديهم، يعلمونه ويعرفونه ويعيشون فيه، ثم يفصل بعض التفصيل: «أَمَدَّكُمْ بِأَنْعامٍ وَبَنِينَ، وَجَنَّاتٍ وَعُيُونٍ» وهي النعم المعهودة في ذلك العهد وهي نعمة في كل عهد.. ثم يخوفهم عذاب يوم عظيم. في صورة الإشفاق عليهم من ذلك العذاب. فهو أخوهم، وهو واحد منهم، وهو حريص ألا يحل بهم عذاب ذلك اليوم الذي لا شك فيه.
ولكن هذه التذكرة وهذا التخويف، لا يصلان إلى تلك القلوب الجاسية الفظة الغليظة. فإذا الإصرار والعناد والاستهتار.
«قالُوا: سَواءٌ عَلَيْنا أَوَعَظْتَ أَمْ لَمْ تَكُنْ مِنَ الْواعِظِينَ» ..
فما يعنينا أن تعظ أو ألا تكون أصلا من الواعظين! وهو تعبير فيه استهانة واستهتار وجفوة. يتبعه ما يشي بالجمود والتحجر والاعتماد على التقليد! «إِنْ هذا إِلَّا خُلُقُ الْأَوَّلِينَ.. وَما نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ» ..
فحجتهم فيما هم عليه، وفيما يستنكره عليهم هود، أنه خلق الأولين ونهجهم. وهم يسيرون على نهج الأولين! ثم إنهم لينفون احتمال العذاب على خلق الأولين! «وَما نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ» ! ولا يستطرد السياق هنا في تفصيل ما ثار بينهم وبين رسولهم من جدل فيمضي قدما إلى النهاية:
«فَكَذَّبُوهُ فَأَهْلَكْناهُمْ» ..
وفي كلمتين اثنتين ينتهي الأمر ويطوى قوم عاد الجبارون وتطوى مصانعهم التي يتخذون ويطوى ما كانوا فيه من نعيم، من أنعام وبنين وجنات وعيون! وكم من أمة بعد عاد ظلت تفكر على هذا النحو، وتغتر هذا الغرور، وتبعد عن الله كلما تقدمت في الحضارة وتحسب أن الإنسان قد أصبح في غنية عن الله! وهي تنتج من أسباب الدمار لغيرها، والوقاية لنفسها، ما تحسبه واقيا لها من أعدائها.. ثم تصبح وتمسي فإذا العذاب يصب عليها من فوقها ومن تحتها.
عن أي طريق.
«إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً وَما كانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ. وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ» ..

نام کتاب : في ظلال القرآن نویسنده : سيد قطب    جلد : 5  صفحه : 2610
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست