نام کتاب : في ظلال القرآن نویسنده : سيد قطب جلد : 5 صفحه : 2588
إعراض المشركين وتكذيبهم وإلى رعاية الله لدعوته والمؤمنين بها ولو كانوا مجردين من القوة وأعداؤهم أقوياء جبارون في الأرض مسلطون عليهم بالأذى والتنكيل- وهو الموقف الذي كان فيه المسلمون بمكة عند نزول هذه السورة- وقد كان القصص إحدى وسائل التربية القرآنية في القرآن الكريم.
وقد وردت حلقات من قصة موسى- عليه السّلام- حتى الآن في سورة البقرة، وسورة المائدة، وسورة الأعراف، وسورة يونس، وسورة الإسراء، وسورة الكهف، وسورة طه. عدا إشارات إليها في سور أخرى.
وفي كل مرة كانت الحلقات التي تعرض منها أو الإشارات متناسقة مع موضوع السورة، أو السياق الذي تعرض فيه، على نحو ما هي في هذه السورة وكانت تشارك في تصوير الموضوع الذي يهدف إليه السياق [1] .
والحلقة المعروضة هنا هي حلقة الرسالة والتكذيب وما كان من غرق فرعون وملئه جزاء على هذا التكذيب، وعقابا على ائتماره بموسى ومن معه من المؤمنين. ونجاة موسى وبني إسرائيل من كيد الظالمين. وفي هذا تصديق قول الله سبحانه في هذه السورة عن المشركين: «وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ» .. وقوله: «فَقَدْ كَذَّبُوا فَسَيَأْتِيهِمْ أَنْبؤُا ما كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ» ..
وهذه الحلقة مقسمة إلى مشاهد استعراضية، بينها فجوات بمقدار ما يسدل الستار على المشهد، ثم يرفع عن المشهد الذي يليه. وهي ظاهرة فنية ملحوظة في طريقة العرض القرآنية للقصة «2» .
وهنا سبعة مشاهد: أولها مشهد النداء والبعثة والوحي والمناجاة بين موسى- عليه السّلام- وربه. وثانيها مشهد مواجهة موسى لفرعون وملئه برسالته وآيتي العصا واليد البيضاء. وثالثها مشهد التآمر وجمع السحرة وحشد الناس للمباراة الكبرى. ورابعها مشهد السحرة بحضرة فرعون يطمئنون على الأجر والجزاء! وخامسها مشهد المباراة ذاته وإيمان السحرة وتهديد فرعون ووعيده. وسادسها مشهد ذو شقين: الشق الأول مشهد إيحاء الله لموسى أن يسري بعباده ليلا، والثاني مشهد إرسال فرعون في المدائن حاشرين يجمعون الجنود لملاحقة بني إسرائيل. وسابعها مشهد المواجهة أمام البحر ونهايته من انفلاق البحر وغرق الظالمين ونجاة المؤمنين.
وقد عرضت هذه المشاهد في سورة الأعراف، وفي سورة يونس، وفي سورة طه. ولكنها عرضت في كل موضع من الجانب الذي يناسب ذلك الموضع، وبالطريقة التي تنفق مع اتجاهه، وكان التركيز فيها على نقط معينة هنا وهناك.
ففي الأعراف مثلا بدأ بمشهد المواجهة بين موسى وفرعون مختصرا، ومر بمشهد السحرة ونهايته سريعا، بينما وسع في عرض مؤامرات فرعون وملئه بعد ذلك، وعرض آيات موسى مدة إقامته في مصر بعد المباراة قبل مشهد الغرق والنجاة. واستطرد بعد ذلك مع بني إسرائيل بعد مجاوزتهم البحر في حلقات كثيرة.. واختصر هذا هنا فلم يشر إليه. بينما وسع في مشهد الجدال بين موسى وفرعون حول وحدانية الله سبحانه ووحيه إلى رسوله وهو موضوع الجدل في هذه السورة بين المشركين والنبي صلّى الله عليه وسلّم.
وفي يونس بدأ بمشهد المواجهة مختصرا لم يعرض فيه آيتي العصا واليد، واختصر كذلك في مشهد المباراة.
بينما توسع هنا في كليهما.
وفي سورة طه توسع في مشهد المناجاة الأول بين موسى وربه. واستطرد بعد مشهدي المواجهة والمباراة [1] تراجع ص 2329- 2331 من الجزء السادس عشر من الظلال. وفصل: القصة في القرآن في كتاب التصوير الفني في القرآن
. (2) فصل: القصة في القرآن. في كتاب التصوير الفني في القرآن. «دار الشروق» .
نام کتاب : في ظلال القرآن نویسنده : سيد قطب جلد : 5 صفحه : 2588