نام کتاب : في ظلال القرآن نویسنده : سيد قطب جلد : 5 صفحه : 2586
ويراقبه وهو شاعر بوجوده في كل لحظة من لحظات الليل والنهار. ويشعر أنه هو واحد من عباده، متصل بمخلوقاته، مرتبط بالنواميس التي تحكمهم جميعا. وله دوره الخاص في هذا الكون، وبخاصة هذه الأرض التي استخلف فيها:
«أَوَلَمْ يَرَوْا إِلَى الْأَرْضِ كَمْ أَنْبَتْنا فِيها مِنْ كُلِّ زَوْجٍ كَرِيمٍ» ..
كريم بما فيه من حياة، صادرة من الله الكريم.. واللفظ يوحي إلى النفس باستقبال صنع الله بما يليق من التكريم والحفاوة والاحتفال لا بالاستهانة والغفلة والإغفال. «إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً» . وهم يطلبون الآيات. ولكن أكثرهم لا يؤمن بهذه الآية: «وَما كانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ» ! وتنتهي مقدمة السورة بالتعقيب الذي يتكرر في السورة بعد استعراض كل آية:
«وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ» ..
«الْعَزِيزُ» القوي القادر على إبداع الآيات، وأخذ المكذبين بالعذاب «الرَّحِيمُ» الذي يكشف عن آياته، فيؤمن بها من يهتدي قلبه ويمهل المكذبين فلا يعذبهم حتى يأتيهم نذير. وفي آيات الكون غنى ووفرة، ولكن رحمته تقتضي أن يبعث بالرسل للتبصير والتنوير. والتبشير والتحذير.