responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : في ظلال القرآن نویسنده : سيد قطب    جلد : 5  صفحه : 2546
الشاقة مع البشرية الجاحدة الضالة المعاندة المشاقة وكأنما هم الثمرة الحلوة الجنية الممثلة للخير الكامن في شجرة البشرية ذات الأشواك.
وتختم السورة بتصوير هوان البشرية على الله، لولا تلك القلوب المؤمنة التي تلتجئ إليه وتدعوه: «قُلْ: ما يَعْبَؤُا بِكُمْ رَبِّي لَوْلا دُعاؤُكُمْ. فَقَدْ كَذَّبْتُمْ فَسَوْفَ يَكُونُ لِزاماً» ..
هذه هي ظلال السورة وذلك هو محورها الذي تدور عليه، وموضوعها الذي تعالجه. وهي وحدة متصلة، يصعب فصل بعضها عن بعض. ولكن يمكن تقسيمها إلى أربعة أشواط في علاج هذا الموضوع.
يبدأ الشوط الأول منها بتسبيح الله وحمده على تنزيل هذا القرآن على عبده ليكون للعالمين نذيرا. وبتوحيد الله المالك لما في السماوات والأرض، المدبر للكون بحكمة وتقدير، ونفي الولد والشريك. ثم يذكر اتخاذ المشركين مع ذلك آلهة من دونه لا يخلقون شيئا وهم يخلقون.. كل أولئك قبل أن يحكي مقولاتهم المؤذية عن الرسول- صلّى الله عليه وسلّم- من تكذيبه فيما جاءهم به، وادعائهم أنه إفك افتراه، وأنه أساطير الأولين اكتتبها. وقبل أن يحكي اعتراضاتهم على بشرية الرسول وحاجته للطعام والمشي في الأسواق، واقتراحاتهم أن ينزل عليه ملك أو يلقى إليه كنز، أو تكون له جنة يأكل منها. وقحتهم في وصفه- صلّى الله عليه وسلّم- بأنه رجل مسحور.. وكأنما يسبق بمقولاتهم الجاحدة لربهم كي يهون على نفس الرسول- صلّى الله عليه وسلّم- مقولاتهم عنه وعن رسالته.. ومن ثم يعلن ضلالهم وتكذيبهم بالساعة، ويتوعدهم بما أعده الله لهم من سعير، يلقون فيها مكانا ضيقا مقرنين. ويعرض في الصفحة المقابلة صورة المؤمنين في الجنة.
«لَهُمْ فِيها ما يَشاؤُنَ خالِدِينَ» .. ويستمر في عرض مشهدهم يوم الحشر، ومواجهتهم بما كانوا يعبدون من دون الله، وتكذيب هؤلاء لهم فيما كانوا يدعون على الله من شرك.. وينتهي هذا الشوط بتسلية الرسول- صلّى الله عليه وسلّم- بأن الرسل جميعا كانوا بشرا مثله، يأكلون الطعام ويمشون في الأسواق.
ويبدأ الشوط الثاني بتطاول المكذبين بلقاء الله على الله، وقولهم: «لَوْلا أُنْزِلَ عَلَيْنَا الْمَلائِكَةُ أَوْ نَرى رَبَّنا» .
ويعاجلهم بمشهد اليوم الذي يرون فيه الملائكة.. «وَكانَ يَوْماً عَلَى الْكافِرِينَ عَسِيراً» .. «وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلى يَدَيْهِ يَقُولُ: يا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلًا» .. ليكون في ذلك تأسية للرسول- صلّى الله عليه وسلّم- وهم يهجرون القرآن، وهو يشكو لربه هذا الهجران. وهم يعترضون على طريقة تنزيله ويقولون: «لَوْلا نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ جُمْلَةً واحِدَةً» . ويعقب على هذا الاعتراض بمشهدهم يوم القيامة يحشرون على وجوههم، وهم المكذبون بيوم القيامة، وبتصوير عاقبة المكذبين قبلهم من قوم موسى وقوم نوح، وعاد وثمود وأصحاب الرس والقرون الكثيرة بين ذلك، ويعجب من أمرهم وهم يمرون على قرية لوط المدمرة ولا يعتبرون.
فيهون بذلك كله من وقع تطاولهم على الرسول- صلّى الله عليه وسلّم- وقولهم: «أَهذَا الَّذِي بَعَثَ اللَّهُ رَسُولًا؟» ثم يعقب على هذا الاستهزاء بتحقيرهم ووضعهم في صف الأنعام بل دون ذلك: «إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلًا» .
والشوط الثالث جولة في مشاهد الكون تبدأ بمشهد الظل، وتستطرد إلى تعاقب الليل والنهار، والرياح المبشرة بالماء المحيي، وخلقة البشر من الماء. ومع هذا فهم يعبدون من دون الله ما لا ينفعهم ولا يضرهم، ويتظاهرون على ربهم وخالقهم، ويتطاولون في قحة إذا دعوا إلى عبادة الله الحق.. «وَإِذا قِيلَ لَهُمُ: اسْجُدُوا لِلرَّحْمنِ قالُوا: وَمَا الرَّحْمنُ؟» .. وهو «الَّذِي جَعَلَ فِي السَّماءِ بُرُوجاً وَجَعَلَ فِيها سِراجاً وَقَمَراً

نام کتاب : في ظلال القرآن نویسنده : سيد قطب    جلد : 5  صفحه : 2546
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست