responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : في ظلال القرآن نویسنده : سيد قطب    جلد : 4  صفحه : 2513
وأشار إلى وجهه وكفيه» «وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلى جُيُوبِهِنَّ» ..
والجيب فتحة الصدر في الثوب. والخمار غطاء الرأس والنحر والصدر. ليداري مفاتنهن، فلا يعرضها للعيون الجائعة ولا حتى لنظرة الفجاءة، التي يتقي المتقون أن يطيلوها أو يعاودوها، ولكنها قد تترك كمينا في أطوائهم بعد وقوعها على تلك المفاتن لو تركت مكشوفة! إن الله لا يريد أن يعرض القلوب للتجربة والابتلاء في هذا النوع من البلاء! والمؤمنات اللواتي تلقين هذا النهي. وقلوبهن مشرقة بنور الله، لم يتلكأن في الطاعة، على الرغم من رغبتهن الفطرية في الظهور بالزينة والجمال. وقد كانت المرأة في الجاهلية- كما هي اليوم في الجاهلية الحديثة! - تمر بين الرجال مسفحة بصدرها لا يواريه شيء. وربما أظهرت عنقها وذوائب شعرها، وأقرطة أذنيها.
فلما أمر الله النساء أن يضربن بخمرهن على جيوبهن، ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها، كن كما قالت عائشة رضي الله عنها-: «يرحم الله نساء المهاجرات الأول. لما أنزل الله: «وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلى جُيُوبِهِنَّ» شققن مروطهن فاختمرن بها [1] » .. وعن صفية- بنت شيبة قالت: بينما نحن عند عائشة. قالت: فذكرن نساء قريش وفضلهن. فقالت عائشة- رضي الله عنها- إن لنساء قريش لفضلا. وإني والله ما رأيت أفضل من نساء الأنصار، أشد تصديقا لكتاب الله، ولا إيمانا بالتنزيل. لما نزلت في سورة النور: «وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلى جُيُوبِهِنَّ» انقلب رجالهن إليهن يتلون عليهن ما أنزل الله إليهم فيها ويتلو الرجل على امرأته وابنته وأخته، وعلى كل ذي قرابته. فما منهن امرأة إلا قامت إلى مرطها المرحل، فاعتجرت به تصديقا وإيمانا بما أنزل الله من كتابه. فأصبحن وراء رسول الله- صلى الله عليه وسلم- معتجرات كأن على رؤوسهن الغربان [2] » .
لقد رفع الإسلام ذوق المجتمع الإسلامي، وطهر إحساسه بالجمال فلم يعد الطابع الحيواني للجمال هو المستحب، بل الطابع الإنساني المهذب.. وجمال الكشف الجسدي جمال حيواني يهفو إليه الإنسان بحس الحيوان مهما يكن من التناسق والاكتمال. فأما جمال الحشمة فهو الجمال النظيف، الذي يرفع الذوق الجمالي، ويجعله لائقا بالإنسان، ويحيطه بالنظافة والطهارة في الحس والخيال.
وكذلك يصنع الإسلام اليوم في صفوف المؤمنات. على الرغم من هبوط الذوق العام، وغلبة الطابع الحيواني عليه والجنوح به إلى التكشف والعري والتنزي كما تتنزى البهيمة! فإذا هن يحجبن مفاتن أجسامهن طائعات، في مجتمع يتكشف ويتبرج، وتهتف الأنثى فيه للذكور حيثما كانت هتاف الحيوان للحيوان! هذا التحشم وسيلة من الوسائل الوقائية للفرد والجماعة.. ومن ثم يبيح القرآن تركه عند ما يأمن الفتنة.
فيستثني المحارم الذين لا تتوجه ميولهم عادة ولا تثور شهواتهم وهم:
الآباء والأبناء، وآباء الأزواج وأبناؤهم، والإخوة وأبناء الإخوة، وأبناء الأخوات.. كما يستثني النساء المؤمنات: «أَوْ نِسائِهِنَّ» فأما غير المسلمات فلا. لأنهن قد يصفن لأزواجهن وإخوتهن، وأبناء ملتهن مفاتن نساء المسلمين وعوراتهن لو اطلعن عليها. وفي الصحيحين: «لا تباشر المرأة المرأة تنعتها لزوجها كأنه يراها» .. أما المسلمات فهن أمينات، يمنعهن دينهن أن يصفن لرجالهن جسم امرأة مسلمة وزينتها.. ويستثني

[1] أخرجه البخاري.
[2] أخرجه أبو داود.
نام کتاب : في ظلال القرآن نویسنده : سيد قطب    جلد : 4  صفحه : 2513
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست