responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : في ظلال القرآن نویسنده : سيد قطب    جلد : 4  صفحه : 2466
الإنسان «وَأَهْلَكَ إِلَّا مَنْ سَبَقَ عَلَيْهِ الْقَوْلُ مِنْهُمْ» وهم الذين كفروا وكذبوا، فاستحقوا كلمة الله السابقة، وسنته النافذة، وهي الهلاك للمكذبين بآيات الله.
وصدر الأمر الأخير لنوح ألا يجادل في أمر أحد، ولا يحاول إنقاذ أحد- ولو كان أقرب الأقربين إليه- ممن سبق عليهم القول.
«وَلا تُخاطِبْنِي فِي الَّذِينَ ظَلَمُوا إِنَّهُمْ مُغْرَقُونَ» .
فسنة الله لا تحابي، ولا تنحرف عن طريقها الواحد المستقيم، من أجل خاطر ولي ولا قريب! ولا يفصل هنا ما حدث للقوم بعد هذا الأمر. فقد قضي الأمر، وتقرر: «إِنَّهُمْ مُغْرَقُونَ» ولكنه يمضي في تعليم نوح- عليه السلام- كيف يشكر نعمة ربه، وكيف يحمد فضله، وكيف يستهديه طريقه:
«فَإِذَا اسْتَوَيْتَ أَنْتَ وَمَنْ مَعَكَ عَلَى الْفُلْكِ، فَقُلِ: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي نَجَّانا مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ. وَقُلْ: رَبِّ أَنْزِلْنِي مُنْزَلًا مُبارَكاً، وَأَنْتَ خَيْرُ الْمُنْزِلِينَ» ..
فهكذا يحمد الله، وهكذا يتوجه إليه، وهكذا يوصف- سبحانه- بصفاته، ويعترف له بآياته. وهكذا يتأدب في حقه العباد، وفي طليعتهم النبيون، ليكونوا أسوة للآخرين.
ثم يعقب على القصة كلها، وما تتضمنه خطواتها من دلائل القدرة والحكمة:
«إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ، وَإِنْ كُنَّا لَمُبْتَلِينَ» ..
والابتلاء ألوان. ابتلاء للصبر. وابتلاء للشكر. وابتلاء للأجر. وابتلاء للتوجيه. وابتلاء للتأديب. وابتلاء للتمحيص. وابتلاء للتقويم.. وفي قصة نوح ألوان من الابتلاء له ولقومه ولأبنائه القادمين..
ويمضي السياق يعرض مشهدا آخر من مشاهد الرسالة الواحدة والتكذيب المكرور:
«ثُمَّ أَنْشَأْنا مِنْ بَعْدِهِمْ قَرْناً آخَرِينَ. فَأَرْسَلْنا فِيهِمْ رَسُولًا مِنْهُمْ أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ ما لَكُمْ مِنْ إِلهٍ غَيْرُهُ. أَفَلا تَتَّقُونَ؟ وَقالَ الْمَلَأُ مِنْ قَوْمِهِ الَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِلِقاءِ الْآخِرَةِ، وَأَتْرَفْناهُمْ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا: ما هذا إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ، يَأْكُلُ مِمَّا تَأْكُلُونَ مِنْهُ، وَيَشْرَبُ مِمَّا تَشْرَبُونَ. وَلَئِنْ أَطَعْتُمْ بَشَراً مِثْلَكُمْ إِنَّكُمْ إِذاً لَخاسِرُونَ. أَيَعِدُكُمْ أَنَّكُمْ إِذا مِتُّمْ وَكُنْتُمْ تُراباً وَعِظاماً أَنَّكُمْ مُخْرَجُونَ؟ هَيْهاتَ هَيْهاتَ لِما تُوعَدُونَ! إِنْ هِيَ إِلَّا حَياتُنَا الدُّنْيا نَمُوتُ وَنَحْيا، وَما نَحْنُ بِمَبْعُوثِينَ. إِنْ هُوَ إِلَّا رَجُلٌ افْتَرى عَلَى اللَّهِ كَذِباً، وَما نَحْنُ لَهُ بِمُؤْمِنِينَ. قالَ: رَبِّ انْصُرْنِي بِما كَذَّبُونِ. قالَ: عَمَّا قَلِيلٍ لَيُصْبِحُنَّ نادِمِينَ. فَأَخَذَتْهُمُ الصَّيْحَةُ بِالْحَقِّ فَجَعَلْناهُمْ غُثاءً. فَبُعْداً لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ» ..
إن استعراض قصص الرسل في هذه السورة ليس للتقصي والتفصيل إنما هو لتقرير الكلمة الواحدة التي جاء بها الجميع، والاستقبال الواحد الذي لقوه من الجميع. ومن ثم بدأ بذكر نوح- عليه السلام- ليحدد نقطة البدء وانتهى بموسى وعيسى ليحدد النقطة الأخيرة قبل الرسالة الأخيرة. ولم يذكر الأسماء في وسط السلسلة الطويلة، كي يدل على تشابه حلقاتها بين البدء والنهاية. إنما ذكر الكلمة الواحدة في كل حلقة والاستقبال الواحد، لأن هذا هو المقصود.
«ثُمَّ أَنْشَأْنا مِنْ بَعْدِهِمْ قَرْناً آخَرِينَ» .. لم يحدد من هم. وهم على الأرجح عاد قوم هود..
«فَأَرْسَلْنا فِيهِمْ رَسُولًا مِنْهُمْ أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ ما لَكُمْ مِنْ إِلهٍ غَيْرُهُ. أَفَلا تَتَّقُونَ؟» .. ذات الكلمة الواحدة

نام کتاب : في ظلال القرآن نویسنده : سيد قطب    جلد : 4  صفحه : 2466
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست