responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : في ظلال القرآن نویسنده : سيد قطب    جلد : 4  صفحه : 2454
من هم المؤمنون. الوارثون. الذين يرثون الفردوس هم فيها خالدون؟
إنهم هؤلاء الذين يفصل السياق صفاتهم بعد آية الافتتاح:
«الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خاشِعُونَ.
«وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ.
«وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكاةِ فاعِلُونَ.
«وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حافِظُونَ إِلَّا عَلى أَزْواجِهِمْ أَوْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُهُمْ ... إلخ.
«وَالَّذِينَ هُمْ لِأَماناتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ راعُونَ.
«وَالَّذِينَ هُمْ عَلى صَلَواتِهِمْ يُحافِظُونَ» .
فما قيمة هذه الصفات؟
قيمتها أنها ترسم شخصية المسلم في أفقها الأعلى. أفق محمد- صلى الله عليه وسلم- رسول الله، وخير خلق الله، الذي أدبه ربه فأحسن تأديبه، والذي شهد له في كتابه بعظمة خلقه: «وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ» ..
فلقد سئلت عائشة رضي الله عنها عن خلق رسول الله- صلى الله عليه وسلم- فقالت: كان خلقه القرآن.
ثم قرأت. «قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ» حتى «وَالَّذِينَ هُمْ عَلى صَلَواتِهِمْ يُحافِظُونَ» . وقالت. هكذا كان رسول الله- صلى الله عليه وسلم- [1] .
ومرة أخرى.. ما قيمة هذه الصفات في ذاتها؟ ما قيمتها في حياة الفرد، وفي حياة الجماعة، وفي حياة النوع الإنساني؟
«الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خاشِعُونَ» .. تستشعر قلوبهم رهبة الموقف في الصلاة بين يدي الله، فتسكن وتخشع، فيسري الخشوع منها إلى الجوارح والملامح والحركات. ويغشى أرواحهم جلال الله في حضرته، فتختفي من أذهانهم جميع الشواغل، ولا تشتغل بسواه وهم مستغرقون في الشعور به مشغولون بنجواه. ويتوارى عن حسهم في تلك الحضرة القدسية كل ما حولهم وكل ما بهم، فلا يشهدون إلا الله، ولا يحسون إلا إياه، ولا يتذوقون إلا معناه. ويتطهر وجدانهم من كل دنس، وينفضون عنهم كل شائبة فما يضمون جوانحهم على شيء من هذا مع جلال الله.. عندئذ تتصل الذرة التائهة بمصدرها، وتجد الروح الحائرة طريقها، ويعرف القلب الموحش مثواه. وعندئذ تتضاءل القيم والأشياء والأشخاص إلا ما يتصل منها بالله.
«وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ» .. لغو القول، ولغو الفعل، ولغو الاهتمام والشعور. إن للقلب المؤمن ما يشغله عن اللغو واللهو والهذر.. له ما يشغله من ذكر الله، وتصور جلاله وتدبر آياته في الأنفس والآفاق.
وكل مشهد من مشاهد الكون يستغرق اللب، ويشغل الفكر، ويحرك الوجدان.. وله ما يشغله من تكاليف العقيدة: تكاليفها في تطهير القلب، وتزكية النفس وتنقية الضمير. وتكاليفها في السلوك، ومحاولة الثبات على المرتقى العالي الذي يتطلبه الإيمان. وتكاليفها في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وصيانة حياة الجماعة من الفساد والانحراف. وتكاليفها في الجهاد لحمايتها ونصرتها وعزتها، والسهر عليها من كيد الأعداء..
وهي تكاليف لا تنتهي، ولا يغفل عنها المؤمن، ولا يعفي نفسه منها، وهي مفروضة عليه فرض عين أو

[1] أخرجه النسائي.
نام کتاب : في ظلال القرآن نویسنده : سيد قطب    جلد : 4  صفحه : 2454
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست