responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : في ظلال القرآن نویسنده : سيد قطب    جلد : 4  صفحه : 2172
وغفلوا عن معجزة الحياة الأولى.. وغفلوا عن طبيعة القدرة الإلهية، وأنها لا تقاس إلى تصورات البشر وطاقتهم. وأن إيجاد شيء لا يكلف تلك القدرة شيئا فيكفي أن تتوجه الإرادة إلى كون الشيء ليكون.
وغفلوا كذلك عن حكمة الله في البعث. وهذه الدنيا لا يبلغ أمر فيها تمامه. فالناس يختلفون حول الحق والباطل، والهدى والضلال، والخير والشر. وقد لا يفصل بينهم فيما يختلفون فيه في هذه الأرض لأن إرادة الله شاءت أن يمتد ببعضهم الأجل، وألا يحل بهم عذابه الفاصل في هذه الديار. حتى يتم الجزاء في الآخرة ويبلغ كل أمر تمامه هناك.
والسياق يرد على تلك المقولة الكافرة، ويكشف ما يحيط بها في نفوس القوم من شبهات فيبدأ بالتقرير:
«بَلى. وَعْداً عَلَيْهِ حَقًّا» ومتى وعد الله فقد كان ما وعد به لا يتخلف بحال من الأحوال «وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ» حقيقة وعد الله.
وللأمر حكمته: «لِيُبَيِّنَ لَهُمُ الَّذِي يَخْتَلِفُونَ فِيهِ، وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّهُمْ كانُوا كاذِبِينَ» فيما ادعوا أنهم على الهدى وفيما زعموا من كذب الرسل، ومن نفي الاخرة وفيما كانوا فيه من اعتقاد ومن فساد.
والأمر بعد ذلك هين: «إِنَّما قَوْلُنا لِشَيْءٍ إِذا أَرَدْناهُ أَنْ نَقُولَ لَهُ: كُنْ. فَيَكُونُ» ..
والبعث شيء من هذه الأشياء يتم حالما تتوجه إليه الإرادة دون إبطاء.
وهنا يعرض في الجانب المقابل للمنكرين الجاحدين، لمحة عن المؤمنين المصدقين، الذين يحملهم يقينهم في الله والآخرة على هجر الديار والأموال، في الله، وفي سبيل الله:
«وَالَّذِينَ هاجَرُوا فِي اللَّهِ مِنْ بَعْدِ ما ظُلِمُوا لَنُبَوِّئَنَّهُمْ فِي الدُّنْيا حَسَنَةً، وَلَأَجْرُ الْآخِرَةِ أَكْبَرُ لَوْ كانُوا يَعْلَمُونَ. الَّذِينَ صَبَرُوا وَعَلى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ» ..
فهؤلاء الذين هاجروا من ديارهم وأموالهم، وتعروا عما يملكون وعما يحبون، وضحوا بدارهم وقرب عشيرتهم والحبيب من ذكرياتهم.. هؤلاء يرجون في الآخرة عوضا عن كل ما خلفوا وكل ما تركوا. وقد عانوا الظلم وفارقوه. فإذا كانوا قد خسروا الديار ف «لَنُبَوِّئَنَّهُمْ فِي الدُّنْيا حَسَنَةً» ولنسكننهم خيرا مما فقدوا «وَلَأَجْرُ الْآخِرَةِ أَكْبَرُ» لو كان الناس يعلمون. هؤلاء «الَّذِينَ صَبَرُوا» واحتملوا ما احتملوا «وَعَلى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ» لا يشركون به أحدا في الاعتماد والتوجه والتكلان.
ثم يعود السياق إلى بيان وظيفة الرسل التي أشار عليها عند الرد على مقولة المشركين عن إرادة الله الشرك لهم ولآبائهم. يعود إليها لبيان وظيفة الرسول الأخير- صلوات الله وسلامه عليه- وما معه من الذكر الأخير.
وذلك تمهيدا لإنذار المكذبين به ما يتهددهم من هذا التكذيب:
«وَما أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ إِلَّا رِجالًا نُوحِي إِلَيْهِمْ، فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ. بِالْبَيِّناتِ وَالزُّبُرِ، وَأَنْزَلْنا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ ما نُزِّلَ إِلَيْهِمْ، وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ» ..
وما أرسلنا من قبلك إلا رجالاً.. لم نرسل ملائكة، ولم نرسل خلقاً آخر. رجالاً مختارين «نُوحِي إِلَيْهِمْ» كما أوحينا إليك، ونكل إليهم التبليغ كما وكلنا إليك. «فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ» أهل الكتاب الذين جاءتهم

نام کتاب : في ظلال القرآن نویسنده : سيد قطب    جلد : 4  صفحه : 2172
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست