responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : في ظلال القرآن نویسنده : سيد قطب    جلد : 4  صفحه : 2162
أخرى لا يعلمها أهل هذا الزمان. والقرآن يهيِّئ لها القلوب والأذهان، بلا جمود ولا تحجر «وَيَخْلُقُ ما لا تَعْلَمُونَ» ..
وفي معرض النقل والحمل والركوب والسير لبلوغ غايات محسوسة في عالم الأرض، يدخل السياق غايات معنوية وسيرا معنوياً وطرقا معنوية. فثمة الطريق إلى الله. وهو طريق قاصد مستقيم لا يلتوي ولا يتجاوز الغاية. وثمة طرق أخرى لا توصل ولا تهدي. فأما الطريق إلى الله فقد كتب على نفسه كشفها وبيانها:
بآياته في الكون وبرسله إلى الناس:
«وَعَلَى اللَّهِ قَصْدُ السَّبِيلِ. وَمِنْها جائِرٌ. وَلَوْ شاءَ لَهَداكُمْ أَجْمَعِينَ» ..
والسبيل القاصد هو الطريق المستقيم الذي لا يلتوي كأنه يقصد قصدا إلى غايته فلا يحيد عنها. والسبيل الجائر هو السبيل المنحرف المجاوز للغاية لا يوصل إليها، أو لا يقف عندها! «وَلَوْ شاءَ لَهَداكُمْ أَجْمَعِينَ» .. ولكنه شاء أن يخلق الإنسان مستعداً للهدى والضلال، وأن يدع لإرادته اختيار طريق الهدى أو طريق الضلال. فكان منهم من يسلك السبيل القاصد، ومنهم من يسلك السبيل الجائر.
وكلاهما لا يخرج على مشيئه الله، التي قضت بأن تدع للإنسان حرية الاختيار.
والفوج الثاني من آيات الخلق والنعمة:
«هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماء لَكُمْ مِنْهُ شَرابٌ، وَمِنْهُ شَجَرٌ فِيهِ تُسِيمُونَ، يُنْبِتُ لَكُمْ بِهِ الزَّرْعَ وَالزَّيْتُونَ وَالنَّخِيلَ وَالْأَعْنابَ، وَمِنْ كُلِّ الثَّمَراتِ. إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ» ..
والماء ينزل من السماء وفق النواميس التي خلقها الله في هذا الكون، والتي تدبر حركاته، وتنشئ نتائجها وفق إرادة الخالق وتدبيره. بقدر خاص من أقداره ينشئ كل حركة وكل نتيجة. هذا الماء يذكر هنا نعمة من نعم الله «لَكُمْ مِنْهُ شَرابٌ» فهي خصوصية الشراب التي تبرز في هذا المجال ثم خصوصية المرعى «وَمِنْهُ شَجَرٌ فِيهِ تُسِيمُونَ» وهي المراعي التي تربون فيها السوائم. ذلك بمناسبة ذكر الأنعام قبلها وتنسيقاً للجو العام بين المراعي والأنعام. ثم الزروع التي يأكل منها الإنسان مع الزيتون والنخيل والأعناب وغيرها من أشجار الثمار..
«إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ» .. في تدبير الله لهذا الكون، ونواميسه المواتية لحياة البشر، وما كان الإنسان ليستطيع الحياة على هذا الكوكب لو لم تكن نواميس الكون مواتية لحياته، موافقة لفطرته، ملبية لحاجاته. وما هي بالمصادفة العابرة أن يخلق الإنسان في هذا الكوكب الأرضي، وأن تكون النسب بين هذا الكوكب وغيره من النجوم والكواكب هي هذه النسب، وأن تكون الظواهر الجوية والفلكية على ما هي عليه، ممكنة للإنسان من الحياة، ملبية هكذا لحاجاته على النحو الذي نراه.
والذين يتفكرون هم الذين يدركون حكمة التدبير، وهم الذين يربطون بين ظاهرة كظاهرة المطر وما ينشئه على الأرض من حياة وشجر وزروع وثمار، وبين النواميس العليا للوجود، ودلالتها على الخالق وعلى وحدانية ذاته ووحدانية إرادته ووحدانية تدبيره. أما الغافلون فيمرون على مثل هذه الآية في الصباح والمساء، في الصيف والشتاء، فلا توقظ تطلعهم، ولا تثير استطلاعهم ولا تستجيش ضمائرهم إلى البحث عن صاحب هذا النظام الفريد.
والفوج الثالث من أفواج الآيات:
«وَسَخَّرَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ، وَالنُّجُومُ مُسَخَّراتٌ بِأَمْرِهِ. إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ» ..

نام کتاب : في ظلال القرآن نویسنده : سيد قطب    جلد : 4  صفحه : 2162
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست