نام کتاب : في ظلال القرآن نویسنده : سيد قطب جلد : 4 صفحه : 2076
هي مناهج الحكم ومناهج الحياة، وتشرع للناس ما لم يأذن به الله وتعبدهم لما تشرع، فتجعل دينونتهم لغير الله..
وآية هذا الذي نقوله- استمداد من النص القرآني- هو هذا الفساد الطامي الذي يعم وجه الأرض اليوم في جاهلية القرن العشرين. وهو هذه الشقوة النكدة التي تعانيها البشرية في مشارق الأرض ومغاربها.. سواء في ذلك أوضاع الإقطاع والرأسمالية، وأوضاع الشيوعية والاشتراكية العلمية! .. وسواء في ذلك أشكال الديكتاتورية في الحكم أو الديمقراطية! .. إنها كلها سواء فيما تلقاه البشرية من خلالها من فساد ومن تحلل ومن شقاء ومن قلق.. لأنها كلها سواء من صنع العُمي الذين لا يعلمون أن ما أنزل على محمد من ربه هو الحق وحده ولا تلتزم- من ثم- بعهد الله وشرعه ولا تستقيم في حياتها على منهجه وهديه.
إن المسلم يرفض- بحكم إيمانه بالله وعلمه بأن ما أنزل على محمد هو الحق- كل منهج للحياة غير منهج الله وكل مذهب اجتماعي أو اقتصادي وكل وضع كذلك سياسي، غير المنهج الوحيد، والمذهب الوحيد، والشرع الوحيد الذي سنه الله وارتضاه للصالحين من عباده.
ومجرد الاعتراف بشرعية منهج أو وضع أو حكم من صنع غير الله، هو بذاته خروج من دائرة الإسلام لله فالإسلام لله هو توحيد الدينونة له دون سواه.
إن هذا الاعتراف فوق أنه يخالف بالضرورة مفهوم الإسلام الأساسي، فهو في الوقت ذاته يسلم الخلافة في هذه الأرض للعُمي الذين ينقضون عهد الله من بعد ميثاقه، ويقطعون ما أمر الله به أن يوصل ويفسدون في الأرض.. فهذا الفساد في الأرض مرتبط كل الارتباط بقيادة العُمي! ..
ولقد شقيت البشرية في تاريخها كله وهي تتخبط بين شتى المناهج وشتى الأوضاع وشتى الشرائع بقيادة أولئك العُمي، الذين يلبسون أردية الفلاسفة والمفكرين والمشرعين والسياسيين على مدار القرون. فلم تسعد قط ولم ترتفع «إنسانيتها» قط، ولم تكن في مستوى الخلافة عن الله في الأرض قط، إلا في ظلال المنهج الرباني في الفترات التي فاءت فيها إلى ذلك المنهج القويم [1] .
هذه بعض المعالم البارزة في هذه السورة، وقفنا عندها هذه الوقفات التي لا تبلغ مداها، ولكنها تشير إليها.
والحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله.. [1] يراجع بتوسع فصل: «تخبط واضطراب» في كتاب: «الإسلام ومشكلات الحضارة» . «دار الشروق» .
نام کتاب : في ظلال القرآن نویسنده : سيد قطب جلد : 4 صفحه : 2076