نام کتاب : في ظلال القرآن نویسنده : سيد قطب جلد : 4 صفحه : 2001
بسم الله الرّحمن الرّحيم يتألف هذا الجزء من بقية سورة يوسف المكية، ومن سورتي الرعد وإبراهيم المكيتين أيضا. فهو جزء كامل من القرآن المكي بكل خصائص القرآن المكي [1] .
فأما سورتا الرعد وإبراهيم فسنعرّف بهما- إن شاء الله- في موضعهما. وأما بقية سورة يوسف، فنرجو أن يراجع قبل قراءتها في هذا الجزء ما سبق من التعريف بالسورة في الجزء الماضي.
إننا نستقبل في هذا الجزء بقية قصة يوسف، والتعقيبات المباشرة عليها ثم التعقيبات الأخيرة في السورة..
وكذلك نستقبل فيه مرحلة جديدة من مراحل حياة الشخصية الأساسية في القصة- شخصية يوسف عليه السلام- ومع امتداد هذه الشخصية واستقامتها على المقوّمات الأساسية لها- تلك التي مر ذكرها في التعريف بشخصيات القصة في التقديم للسورة [2] ، فإننا نجد في هذه المرحلة الجديدة ملامح جديدة تبرز- هي امتداد طبيعي واقعي لنشأة الشخصية وللمرحلة السابقة من حياتها ولكنها مع ذلك ذات طابع مميز..
نجد شخصية يوسف- عليه السلام- وقد استقامت مع نشأتها والأحداث التي مرت بها، والابتلاءات التي اجتازتها، في ظل التربية الربانية للعبد الصالح، الذي يعد ليمكن له في الأرض، وليقوم بالدعوة إلى دين الله وهو ممكن له في الأرض، وهو قابض على مقاليد الأمور في مركز التموين في الشرق الأوسط! وأول ملامح هذه المرحلة هذا الاعتزاز بالله، والاطمئنان إليه، والثقة به، والتجرد له، والتعري من كل قيم الأرض، والتحرر من كل أوهاقها، واستصغار شأن القوى المتحكمة فيها، وهو ان تلك القيم وهذه القوى في النفس الموصولة الأسباب بالله- سبحانه وتعالى! تبدو هذه الظاهرة الواضحة في موقف يوسف، ورسول الملك يجيء إليه في سجنه يبلغه رغبة الملك في أن يراه.. فلا يخف يوسف- عليه السلام- لطلب الملك ولا يتلهف على مغادرة سجنه الظالم المظلم إلى رحاب الملك الذي يرغب في لقائه ولا تستخفه الفرحة بالخروج من هذا الضيق.
ولا تتجلى هذه الظاهرة- وما وراءها من التغيرات العميقة في الموازين والقيم والمشاعر في نفس يوسف [1] تراجع مقدمة سورة الأنعام في الجزء السابع، ومقدمة سورة يونس في الجزء الحادي عشر، ومقدمة سورة هود في الجزء الثاني عشر. [2] ص 1951- 1963 من الجزء الثاني عشر من هذه الطبعة المنقحة. «دار الشروق» .
نام کتاب : في ظلال القرآن نویسنده : سيد قطب جلد : 4 صفحه : 2001