responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : في ظلال القرآن نویسنده : سيد قطب    جلد : 4  صفحه : 1965
وفي مواجهة الصدمة الأولى في يوسف يتجه إلى ربه مستعينا به:
«قال: بل سولت لكم أنفسكم أمراً، فصبر جميل، والله المستعان على ما تصفون» ..
وفي مواجهته لعاطفته الأبوية الخائفة على أبنائه، وهو يوصيهم ألا يدخلوا من باب واحد وأن يدخلوا مصر من أبواب متفرقة، لا ينسى أن هذا التدبير لا يغني عنهم من الله شيئا، وأن الحكم النافذ هو حكم الله وحده وإنما هي حاجة في النفس لا تغني من الله وقدره:
«وَقالَ: يا بَنِيَّ لا تَدْخُلُوا مِنْ بابٍ واحِدٍ وَادْخُلُوا مِنْ أَبْوابٍ مُتَفَرِّقَةٍ، وَما أُغْنِي عَنْكُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ، إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ، عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ، وَعَلَيْهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُتَوَكِّلُونَ» ..
وفي مواجهة الصدمة الثانية في كبرته وهرمه وضعفه وحزنه، لم يتسرب اليأس من رحمة ربه لحظة واحدة إلى قلبه:
«قالَ: بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنْفُسُكُمْ أَمْراً، فَصَبْرٌ جَمِيلٌ، عَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَنِي بِهِمْ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ» .
ثم يبلغ تجلي الحقيقة في قلب يعقوب درجة البهاء والصفاء، وبنوه يؤنبونه على حزنه على يوسف وبكائه له حتى تبيض عيناه من الحزن فيواجههم بأنه يجد حقيقة ربه في قلبه كما لا يجدونها، ويعلم من شأن ربه ما لا يعلمون فمن هنا اتجاهه إليه وحده وشكواه له وبثه ورجاؤه في رحمته وروحه:
«وتولى عنهم وقال: يا أسفا على يوسف! وابيضت عيناه من الحزن فهو كظيم. قالوا: تالله تفتأ تذكر يوسف حتى تكون حرضا أو تكون من الهالكين! قال: إنما أشكو بثي وحزني إلى الله، وأعلم من الله ما لا تعلمون.. يا بني اذهبوا فتحسسوا من يوسف وأخيه، ولا تيأسوا من روح الله، إنه لا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرون» ..
ولقد ذكرهم بما يعلمه من شأن ربه وما يجده من حقيقته في قلبه، وهم يجادلونه في ريح يوسف، وقد صدّق الله فيه ظنه:
«ولما فصلت العير قال أبوهم: إني لأجد ريح يوسف، لولا أن تفندون. قالوا: تالله إنك لفي ضلالك القديم. فلما أن جاء البشير ألقاه على وجهه فارتد بصيراً، قال: ألم أقل لكم: إني أعلم من الله ما لا تعلمون؟» .
إنها الصورة الباهرة لتجلي حقيقة الألوهية في قلب من قلوب الصفوة المختارة. وهي تحمل الإيحاء المناسب لفترة الشدة في حياة الجماعة المسلمة في مكة كما أنها تحمل الإيحاء الدائم بالحقيقة الإيمانية الكبيرة، لكل قلب يعمل في حقل الدعوة والحركة بالإسلام على مدار الزمان أيضا.
وأخيرا نجيء إلى التعقيبات المتنوعة التي جاءت بعد القصة الطويلة إلى نهاية السورة.
إن التعقيب الأول والمباشر يواجه تكذيب قريش بالوحي إلى رسول الله- صلى الله عليه وسلم- بتقرير مأخوذ من هذا القصص الذي لم يكن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- حاضرا وقائعه:
«ذلك من أنباء الغيب نوحيه إليك، وما كنت لديهم إذ أجمعوا أمرهم وهم يمكرون» ..
وهذا التعقيب يترابط مع التقديم للقصة في الاتجاه ذاته:
«نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ بِما أَوْحَيْنا إِلَيْكَ هذَا الْقُرْآنَ، وَإِنْ كُنْتَ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الْغافِلِينَ» ..

نام کتاب : في ظلال القرآن نویسنده : سيد قطب    جلد : 4  صفحه : 1965
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست