نام کتاب : في ظلال القرآن نویسنده : سيد قطب جلد : 4 صفحه : 1844
في إيقاع رخي. ونبض هادئ. وسلاسة وديعة! .. فأما هود فهي شديدة الشبه بالأعراف موضوعا وعرضا وإيقاعا ونبضا.. ثم تبقى لكل سورة شخصيتها الخاصة، وملامحها المميزة، بعد كل هذا التشابه والاختلاف» ..
فالآن نفصل هذه الإشارة المجملة:
إن سورة يونس تحتوي على جانب من القصص مجمل.. إشارة إلى قصة نوح، وإشارة إلى الرسل من بعده، وشيء من التفصيل في قصة موسى، وإشارة مجملة إلى قصة يونس.. ولكن القصص إنما يجيء في السورة شاهدا ومثالا لتصديق الحقائق الاعتقادية التي تستهدفها السورة.
أما سورة هود فالقصص فيها هو جسم السورة. وهو وإن جاء شاهدا ومثالا لتصديق الحقائق الاعتقادية التي تستهدفها إلا أنه يبدو فيه أن استعراض حركة العقيدة الربانية في التاريخ البشري هو الهدف الواضح البارز.
لذلك نجد تركيب السورة يحتوي على ثلاثة قطاعات متميزة:
القطاع الأول يتضمن حقائق العقيدة في مقدمة السورة ويشغل حيزا محدودا.
والقطاع الثاني يتضمن حركة هذه الحقيقة في التاريخ ويشغل معظم سياق السورة.
والقطاع الثالث يتضمن التعقيب على هذه الحركة في حيز كذلك محدود..
وواضح أن قطاعات السورة بجملتها تتعاون وتتناسق في تقرير الحقائق الاعتقادية الأساسية التي يستهدفها سياق السورة كله وأن كل قطاع منها يقرر هذه الحقائق وفق طبيعته وطريقة تناوله لهذه الحقائق. وهي تختلف بين التقرير والقصص والتوجيه.
وهذه الحقائق الأساسية التي تستهدف السورة تقريرها هي:
أن ما جاء به النبي- صلى الله عليه وسلم- وما جاء به الرسل من قبله حقيقة واحدة موحى بها من الله- سبحانه- وهي تقوم على الدينونة لله وحده بلا شريك. والتلقي في هذه الدينونة عن رسل الله وحدهم كذلك. والمفاصلة بين الناس على أساس هذه الحقيقة:
ففي مقدمة السورة تجيء هذه الآيات عن حقيقة دعوة رسول الله- صلى الله عليه وسلم:
«الر. كِتابٌ أُحْكِمَتْ آياتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ. أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا اللَّهَ، إِنَّنِي لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ» ..
«أم يقولون: افتراه؟ قل: فأتوا بعشر سور مثله مفتريات وادعوا من استطعتم من دون الله إن كنتم صادقين. فإن لم يستجيبوا لكم فاعلموا أنما أنزل بعلم الله، وأن لا إله إلا هو، فهل أنتم مسلمون؟» .
وفي قصص الرسل يرد عن حقيقة دعوتهم وعن المفاصلة بينهم وبين قومهم وأهلهم على أساس العقيدة:
«وَلَقَدْ أَرْسَلْنا نُوحاً إِلى قَوْمِهِ، إِنِّي لَكُمْ نَذِيرٌ مُبِينٌ. أَنْ لا تَعْبُدُوا إِلَّا اللَّهَ، إِنِّي أَخافُ عَلَيْكُمْ عَذابَ يَوْمٍ أَلِيمٍ» .
«قال: يا قوم أرأيتم إن كنت على بينة من ربي وآتاني رحمة من عنده فعميت عليكم، أنلزمكموها وأنتم لها كارهون؟» ..
«ونادى نوح ربه فقال: رب إن ابني من أهلي وإن وعدك الحق وأنت أحكم الحاكمين. قال: يا نوح
نام کتاب : في ظلال القرآن نویسنده : سيد قطب جلد : 4 صفحه : 1844