نام کتاب : في ظلال القرآن نویسنده : سيد قطب جلد : 3 صفحه : 1755
الجماعية! فماذا فعلوا؟ لقد استبدلوا بالدينونة لطبقة «الرأسماليين» الدينونة لطبقة «الصعاليك» ! أو استبدلوا بالدينونة لأصحاب رؤوس الأموال والشركات الدينونة للدولة التي تملك المال إلى جانب السلطان! فتصبح أخطر من طبقة الرأسماليين! وفي كل حالة وفي كل وضع وفي كل نظام دان البشر فيه للبشر، دفعوا من أموالهم ومن أرواحهم الضريبة الفادحة. دفعوها للأرباب المتنوعة في كل حالة! إنه لا بد من عبودية! فإن لا تكن لله وحده، تكن لغير الله.. والعبودية لله وحده تطلق الناس أحراراً كراماً شرفاء أعلياء.. والعبودية لغير الله تأكل إنسانية الناس وكرامتهم وحرياتهم وفضائلهم.. ثم تأكل أموالهم ومصالحهم المادية في النهاية! من أجل ذلك كله تنال قضية الألوهية والعبودية كل تلك العناية في رسالات الله- سبحانه- وفي كتبه..
وهذه السورة نموذج من تلك العناية.. فهي قضية لا تتعلق بعبدة الأصنام والأوثان في الجاهليات الساذجة البعيدة. ولكنها تتعلق بالإنسان كله في كل زمان وفي كل مكان وتتعلق بالجاهليات كلها.. جاهليات ما قبل التاريخ. وجاهليات التاريخ. وجاهلية القرن العشرين. وكل جاهلية تقوم على أساس من عبادة العباد للعباد [1] ! ومن أجل ذلك كان جوهر الرسالات والكتب هو تقرير ألوهية الله- سبحانه- وربوبيته وحده للعباد:
«وَما أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ» .
وكان ختام هذه السورة التي نواجهها:
«قُلْ: يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنْ كُنْتُمْ فِي شَكٍّ مِنْ دِينِي فَلا أَعْبُدُ الَّذِينَ تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلكِنْ أَعْبُدُ اللَّهَ الَّذِي يَتَوَفَّاكُمْ، وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ. وَأَنْ أَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفاً، وَلا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُشْرِكِينَ. وَلا تَدْعُ مِنْ دُونِ اللَّهِ، ما لا يَنْفَعُكَ وَلا يَضُرُّكَ، فَإِنْ فَعَلْتَ فَإِنَّكَ إِذاً مِنَ الظَّالِمِينَ. وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلا كاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ، وَإِنْ يُرِدْكَ بِخَيْرٍ فَلا رَادَّ لِفَضْلِهِ، يُصِيبُ بِهِ مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ، وَهُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ. قُلْ: يا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جاءَكُمُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ، فَمَنِ اهْتَدى فَإِنَّما يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ، وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّما يَضِلُّ عَلَيْها. وَما أَنَا عَلَيْكُمْ بِوَكِيلٍ. وَاتَّبِعْ ما يُوحى إِلَيْكَ، وَاصْبِرْ حَتَّى يَحْكُمَ اللَّهُ وَهُوَ خَيْرُ الْحاكِمِينَ» ..
وحسبنا هذا في التعريف بالسورة لنأخذ في استعراض نصوصها بالتفصيل: [1] يراجع كتاب: «الإسلام والجاهلية» للمسلم العظيم السيد أبو الأعلى المودودي أمير الجماعة الإسلامية بباكستان. وكتاب: «جاهلية القرن العشرين» لمحمد قطب. «دار الشروق» .
نام کتاب : في ظلال القرآن نویسنده : سيد قطب جلد : 3 صفحه : 1755