responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : في ظلال القرآن نویسنده : سيد قطب    جلد : 3  صفحه : 1710
وقصة مسجد الضرار قصة بارزة في غزوة تبوك، لذلك أفرد المنافقون الذين قاموا بها من بين سائر المنافقين، وخصص لهم حديث مستقل بعد انتهاء الاستعراض العام لطوائف الناس في المجتمع المسلم حينذاك.
قال ابن كثير في التفسير: سبب نزول هذه الآيات الكريمات أنه كان بالمدينة قبل مقدم رسول الله- صلى الله عليه وسلم- إليها رجل من الخزرج يقال له أبو عامر الراهب. وكان قد تنصر في الجاهلية. وقرأ علم أهل الكتاب وكان فيه عبادة في الجاهلية، وله شرف في الخزرج كبير. فلما قدم رسول الله- صلى الله عليه وسلم- مهاجراً إلى المدينة، واجتمع المسلمون عليه، وصارت للإسلام كلمة عالية، وأظهرهم الله يوم بدر، شرِق اللعين أبو عامر بريقه وبارز بالعداوة وظاهر بها، وخرج فاراً إلى كفار مكة من مشركي قريش يمالئهم على حرب رسول الله- صلى الله عليه وسلم- فاجتمعوا بمن وافقهم من أحياء العرب، وقدموا عام أُحد فكان من أمر المسلمين ما كان، وامتحنهم الله عز وجل، وكانت العاقبة للمتقين. وكان هذا الفاسق قد حفر حفائر فيما بين الصفين، فوقع في إحداهن رسول الله صلى الله عليه وسلم. وأصيب في ذلك اليوم، فجرح وجهه، وكسرت رباعيته اليمنى السفلى، وشج رأسه- صلوات الله وسلامه عليه- وتقدم أبو عامر في أول المبارزة إلى قومه من الأنصار فخاطبهم واستمالهم إلى نصره وموافقته، فلما عرفوا كلامه قالوا: لا أنعم الله بك عيناً يا فاسق يا عدو الله! ونالوا منه وسبوه، فرجع وهو يقول: والله لقد أصاب قومي بعدي شر! وكان رسول الله- صلى الله عليه وسلم- قد دعاه إلى الله قبل فراره، وقرأ عليه من القرآن، فأبى أن يسلم وتمرد، فدعا عليه رسول الله- صلى الله عليه وسلم- أن يموت بعيداً طريداً، فنالته هذه الدعوة.. وذلك أنه لما فرغ الناس من أحد، ورأى أمر رسول الله- صلى الله عليه وسلم- في ارتفاع وظهور، ذهب إلى هرقل ملك الروم يستنصره على النبي- صلى الله عليه وسلم- فوعده ومناه وأقام عنده، وكتب إلى جماعة من قومه من الأنصار من أهل النفاق والريب يعدهم ويمنيهم أنه سيقدم بجيش يقاتل به رسول الله- صلى الله عليه وسلم- ويغلبه، ويرده عما هو فيه وأمرهم أن يتخذوا له معقلاً يقدم عليهم فيه من يقدم من عنده لأداء كتبه، ويكون مرصداً له إذا قدم عليهم بعد ذلك فشرعوا في بناء مسجد مجاور لمسجد قباء، فبنوه وأحكموه، وفرغوا منه قبل خروج رسول الله- صلى الله عليه وسلم- إلى تبوك وجاءوا فسألوا رسول الله- صلى الله عليه وسلم- أن يأتي إليهم فيصلي في مسجدهم، فيحتجوا بصلاته فيه على تقريره وإثباته وذكروا أنهم إنما بنوه للضعفاء منهم وأهل العلة في الليلة الشاتية! فعصمه الله من الصلاة فيه، فقال: «إنا على سفر، ولكن إذا رجعنا- إن شاء الله-» فلما قفل- عليه السلام- راجعاً إلى المدينة من تبوك، ولم يبق بينه وبينها إلا يوم أو بعض يوم، نزل جبريل بخبر مسجد الضرار، وما اعتمده بانوه من الكفر والتفريق بين جماعة المؤمنين في مسجدهم- مسجد قباء- الذي أسس من أول يوم على التقوى. فبعث رسول الله- صلى الله عليه وسلم- إلى ذلك المسجد من هدمه قبل مقدمه المدينة.. (وكذلك روى- بإسناده- عن ابن عباس وعن سعيد بن جبير ومجاهد وعروة بن الزبير وقتادة) .
فهذا هو مسجد الضرار الذي أمر الله رسوله- صلى الله عليه وسلم- ألا يقوم فيه، وأن يقوم في المسجد الأول- مسجد قباء- الذي أقيم على التقوى من أول يوم، والذي يضم رجالاً يحبون أن يتطهروا. «وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ» ..
هذا المسجد- مسجد الضرار- الذي اتخذ على عهد رسول الله- صلى الله عليه وسلم- مكيدة للإسلام والمسلمين، لا يراد به إلا الإضرار بالمسلمين، وإلا الكفر بالله، وإلا ستر المتآمرين على الجماعة المسلمة،

نام کتاب : في ظلال القرآن نویسنده : سيد قطب    جلد : 3  صفحه : 1710
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست