نام کتاب : في ظلال القرآن نویسنده : سيد قطب جلد : 3 صفحه : 1653
فيها أنصاف الحلول. ولا تعالجها الاتفاقات والمناورات. ولا علاج لها إلا بالجهاد والكفاح الجهاد الشامل والكفاح الكامل. سنة الله التي لا تتخلف، وناموسه الذي تقوم عليه السماوات والأرض، وتقوم عليه العقائد والأديان، وتقوم عليه الضمائر والقلوب. في كتاب الله يوم خلق الله السماوات والأرض.
«وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ» ..
فالنصر للمتقين الذين يتقون أن ينتهكوا حرمات الله، وأن يحلوا ما حرم الله، وأن يحرفوا نواميس الله.
فلا يقعد المسلمون عن جهاد المشركين كافة، ولا يتخوفوا من الجهاد الشامل. فهو جهاد في سبيل الله يقفون فيه عند حدوده وآدابه ويتوجهون به إلى الله يراقبونه في السر والعلانية. فلهم النصر، لأن الله معهم، ومن كان الله معه فهو المنصور بلا جدال.
«إِنَّمَا النَّسِيءُ زِيادَةٌ فِي الْكُفْرِ. يُضَلُّ بِهِ الَّذِينَ كَفَرُوا يُحِلُّونَهُ عاماً وَيُحَرِّمُونَهُ عاماً، لِيُواطِؤُا عِدَّةَ ما حَرَّمَ اللَّهُ، فَيُحِلُّوا ما حَرَّمَ اللَّهُ. زُيِّنَ لَهُمْ سُوءُ أَعْمالِهِمْ. وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكافِرِينَ» ..
قال مجاهد- رضي الله عنه-: كان رجل من بني كنانة يأتي كل عام إلى الموسم على حمار له فيقول:
أيها الناس: إني لا أعاب ولا أخاب، ولا مرد لما أقول. إنا قد حرمنا المحرم وأخرنا صفر. ثم يجيء العام المقبل بعده فيقول مثل مقالته، ويقول: إنا قد حرمنا صفر وأخرنا المحرم فهو قوله: «لِيُواطِؤُا عِدَّةَ ما حَرَّمَ اللَّهُ» قال: يعني الأربعة. فيحلوا ما حرم الله تأخير هذا الشهر الحرام.
وقال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم: هذا رجل من بني كنانة يقال له القلمس، وكان في الجاهلية وكانوا في الجاهلية لا يغير بعضهم على بعض في الشهر الحرام، يلقى الرجل قاتل أبيه ولا يمد إليه يده فلما كان هو قال: اخرجوا بنا. قالوا له: هذا المحرم. قال: ننسئه العام. هما العام صفران. فإذا كان العام القابل قضينا.. جعلناهما محرمين.. قال ففعل ذلك. فلما كان عام قابل قال لا تغزوا في صفر. حرموه مع المحرم.
هما محرمان..
فهذان قولان في الآية، وصورتان من صور النسيء. في الصورة الأولى يحرم صفر بدل المحرم فالشهور المحرمة أربعة في العدد، ولكنها ليست هي التي نص عليها الله، بسبب إحلال شهر المحرم. وفي الصورة الثانية يحرم في عام ثلاثة أشهر وفي عام آخر خمسة أشهر فالمجموع ثمانية في عامين بمتوسط أربعة في العام ولكن حرمة المحرم ضاعت في أحدهما، وحل صفر ضاع في ثانيهما! وهذه كتلك في إحلال ما حرم الله والمخالفة عن شرع الله..
«زِيادَةٌ فِي الْكُفْرِ» ..
ذلك أنه- كما أسلفنا- كفر مزاولة التشريع إلى جانب كفر الاعتقاد.
«يُضَلُّ بِهِ الَّذِينَ كَفَرُوا» ..
ويخدعون بما فيه من تلاعب وتحريف وتأويل..
«زُيِّنَ لَهُمْ سُوءُ أَعْمالِهِمْ» ..
فإذا هم يرون السوء حسناً، ويرون قبح الانحراف جمالاً، ولا يدركون ما هم فيه من ضلال ولجاج في الكفر بهذه الأعمال.
نام کتاب : في ظلال القرآن نویسنده : سيد قطب جلد : 3 صفحه : 1653