نام کتاب : في ظلال القرآن نویسنده : سيد قطب جلد : 3 صفحه : 1647
«أَلا تُقاتِلُونَ قَوْماً نَكَثُوا أَيْمانَهُمْ، وَهَمُّوا بِإِخْراجِ الرَّسُولِ، وَهُمْ بَدَؤُكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ؟ أَتَخْشَوْنَهُمْ؟ فَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَوْهُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ. قاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ بِأَيْدِيكُمْ وَيُخْزِهِمْ وَيَنْصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ، وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ، وَيُذْهِبْ غَيْظَ قُلُوبِهِمْ، وَيَتُوبُ اللَّهُ عَلى مَنْ يَشاءُ، وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ» ..
«ما كانَ لِلْمُشْرِكِينَ أَنْ يَعْمُرُوا مَساجِدَ اللَّهِ شاهِدِينَ عَلى أَنْفُسِهِمْ بِالْكُفْرِ، أُولئِكَ حَبِطَتْ أَعْمالُهُمْ وَفِي النَّارِ هُمْ خالِدُونَ» .
«يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا آباءَكُمْ وَإِخْوانَكُمْ أَوْلِياءَ إِنِ اسْتَحَبُّوا الْكُفْرَ عَلَى الْإِيمانِ، وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَأُولئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ» .
... الخ ... الخ ...
وإذا كان الانطلاق لمجاهدة المشركين قد اقتضى كل هذه الحملة- وأمرهم ظاهر- نظراً لتلك الملابسات التي كانت قائمة في التكوين العضوي للمجتمع المسلم في تلك الفترة.. فقد كان الانطلاق لمجاهدة أهل الكتاب في حاجة إلى حملة أشد وأعمق. تستهدف- أول ما تستهدف- تعرية أهل الكتاب هؤلاء من تلك «اللافتة» الشكلية التي لم تعد وراءها حقيقة وتظهرهم على حقيقتهم الواقعية.. مشركين كالمشركين.. كفاراً كالكفار..
محاربين لله ولدينه الحق كأمثالهم من المشركين الكافرين.. ضلالاً يأكلون أموال الناس بالباطل ويصدون عن سبيل الله.. في مثل هذه النصوص القاطعة الصريحة:
«قاتِلُوا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ، وَلا يُحَرِّمُونَ ما حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ، وَلا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ، حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صاغِرُونَ. وَقالَتِ الْيَهُودُ: عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ، وَقالَتِ النَّصارى: الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ. ذلِكَ قَوْلُهُمْ بِأَفْواهِهِمْ يُضاهِؤُنَ قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَبْلُ. قاتَلَهُمُ اللَّهُ! أَنَّى يُؤْفَكُونَ؟ اتَّخَذُوا أَحْبارَهُمْ وَرُهْبانَهُمْ أَرْباباً مِنْ دُونِ اللَّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَما أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا إِلهاً واحِداً لا إِلهَ إِلَّا هُوَ، سُبْحانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ. يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِؤُا نُورَ اللَّهِ بِأَفْواهِهِمْ وَيَأْبَى اللَّهُ إِلَّا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ. وَلَوْ كَرِهَ الْكافِرُونَ. هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ، وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ.. يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ كَثِيراً مِنَ الْأَحْبارِ وَالرُّهْبانِ لَيَأْكُلُونَ أَمْوالَ النَّاسِ بِالْباطِلِ وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ ... الخ» ..
وذلك بالإضافة إلى التقريرات القرآنية الحاسمة- في السور المكية والمدنية على السواء- عن حقيقة ما انتهى إليه أمر أهل الكتاب من الشرك والكفر والخروج من دين الله الذي جاءهم به أنبياؤهم من قبل فضلاً على وقفتهم من رسالة الله الأخيرة، التي على أساس موقفهم منها يتحدد وصفهم بالكفر أو بالإيمان.
فلقد سبق أن ووجه أهل الكتاب بأنهم ليسوا على شيء من دين الله أصلاً في قوله تعالى:
«قُلْ: يا أَهْلَ الْكِتابِ لَسْتُمْ عَلى شَيْءٍ حَتَّى تُقِيمُوا التَّوْراةَ وَالْإِنْجِيلَ.. وَما أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ. وَلَيَزِيدَنَّ كَثِيراً مِنْهُمْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ طُغْياناً وَكُفْراً فَلا تَأْسَ عَلَى الْقَوْمِ الْكافِرِينَ» . (المائدة: 68) .
كذلك سبق وصفهم بالكفر، وضمهم إلى المشركين في هذه الصفة.. يهوداً ونصارى.. أو مجتمعين في صفة «أهل الكتاب» في مثل قوله تعالى:
«وَقالَتِ الْيَهُودُ: يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ! غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُوا بِما قالُوا. بَلْ يَداهُ مَبْسُوطَتانِ يُنْفِقُ كَيْفَ يَشاءُ.
نام کتاب : في ظلال القرآن نویسنده : سيد قطب جلد : 3 صفحه : 1647