responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : في ظلال القرآن نویسنده : سيد قطب    جلد : 3  صفحه : 1334
آتاهُما صالِحاً جَعَلا لَهُ شُرَكاءَ فِيما آتاهُما. فَتَعالَى اللَّهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ. أَيُشْرِكُونَ ما لا يَخْلُقُ شَيْئاً وَهُمْ يُخْلَقُونَ؟ وَلا يَسْتَطِيعُونَ لَهُمْ نَصْراً وَلا أَنْفُسَهُمْ يَنْصُرُونَ؟»
.. إنه تمثيل للأجيال المتلاحقة بصورة الحالات المتتابعة في النفس الواحدة.. وهو تصوير ذو دلالات عجيبة في صدقها وفي جمالها جميعا..
ولأن المقصود هو تمثيل حالة المشركين الذين كان هذا القرآن يواجههم فإن السياق ينتقل مباشرة من المثل إلى مخاطبتهم مواجهة، ويوجه الرسول- صلى الله عليه وسلم- إلى تحديهم هم وآلهتهم: «وَإِنْ تَدْعُوهُمْ إِلَى الْهُدى لا يَتَّبِعُوكُمْ، سَواءٌ عَلَيْكُمْ أَدَعَوْتُمُوهُمْ أَمْ أَنْتُمْ صامِتُونَ. إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ عِبادٌ أَمْثالُكُمْ، فَادْعُوهُمْ فَلْيَسْتَجِيبُوا لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ. أَلَهُمْ أَرْجُلٌ يَمْشُونَ بِها؟ أَمْ لَهُمْ أَيْدٍ يَبْطِشُونَ بِها؟ أَمْ لَهُمْ أَعْيُنٌ يُبْصِرُونَ بِها؟ أَمْ لَهُمْ آذانٌ يَسْمَعُونَ بِها؟ قُلِ: ادْعُوا شُرَكاءَكُمْ ثُمَّ كِيدُونِ فَلا تُنْظِرُونِ. إِنَّ وَلِيِّيَ اللَّهُ الَّذِي نَزَّلَ الْكِتابَ وَهُوَ يَتَوَلَّى الصَّالِحِينَ. وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ لا يَسْتَطِيعُونَ نَصْرَكُمْ وَلا أَنْفُسَهُمْ يَنْصُرُونَ. وَإِنْ تَدْعُوهُمْ إِلَى الْهُدى لا يَسْمَعُوا. وَتَراهُمْ يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ وَهُمْ لا يُبْصِرُونَ» ..
وفي نهاية السورة يتجه الخطاب إلى رسول الله- صلى الله عليه وسلم- وإلى الأمة المسلمة. يوجهه إلى اليسر في أخذ الناس في هذه الدعوة ونهنهة النفس عن الغضب مما يبدر منهم من تقاعس واعتراض والاستعاذة من الشيطان الذي يثير الغضب ويحنق الصدر: «خُذِ الْعَفْوَ. وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجاهِلِينَ. وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ، إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ. إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذا مَسَّهُمْ طائِفٌ مِنَ الشَّيْطانِ تَذَكَّرُوا فَإِذا هُمْ مُبْصِرُونَ. وَإِخْوانُهُمْ يَمُدُّونَهُمْ فِي الغَيِّ ثُمَّ لا يُقْصِرُونَ. وَإِذا لَمْ تَأْتِهِمْ بِآيَةٍ قالُوا: لَوْلا اجْتَبَيْتَها! قُلْ: إِنَّما أَتَّبِعُ ما يُوحى إِلَيَّ مِنْ رَبِّي، هذا بَصائِرُ مِنْ رَبِّكُمْ وَهُدىً وَرَحْمَةٌ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ» ..
وهذا التوجيه يذكرنا بما ورد في مطلع السورة: «كِتابٌ أُنْزِلَ إِلَيْكَ، فَلا يَكُنْ فِي صَدْرِكَ حَرَجٌ مِنْهُ، لِتُنْذِرَ بِهِ وَذِكْرى لِلْمُؤْمِنِينَ» .. فهو يشي بثقل هذا العبء- عبء دعوة الناس، ومواجهة ما في نفوسهم من رواسب وركام وعقابيل، والتواءات وأغراض وشهوات، وغفلة وثقلة وتقاعس.. وضرورة الصبر..
وضرورة اليسر.. وضرورة السير أيضا في الطريق! ثم توجيه إلى الزاد المعين على مشاق الطريق.. الاستماع والإنصات إلى القرآن.. وذكر الله في كل آن وفي كل حال. والحذر من الغفلة. والاقتداء بالمقربين من الملائكة في الذكر والعبادة: «وَإِذا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ. وَاذْكُرْ رَبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعاً وَخِيفَةً، وَدُونَ الْجَهْرِ مِنَ الْقَوْلِ بِالْغُدُوِّ وَالْآصالِ، وَلا تَكُنْ مِنَ الْغافِلِينَ. إِنَّ الَّذِينَ عِنْدَ رَبِّكَ لا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبادَتِهِ وَيُسَبِّحُونَهُ وَلَهُ يَسْجُدُونَ» ..
إنه زاد الطريق. وأدب العبادة. ومنهج المقربين الموصولين..
وحسبنا هذه الإشارات المجملة لنواجه النصوص بالتفصيل..
قالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا مِنْ قَوْمِهِ ... «1»

(1) سبق تفسير الآيات من 88- 93 من هذا الجزء في نهاية الجزء الثامن تكملة لقصة شعيب.
نام کتاب : في ظلال القرآن نویسنده : سيد قطب    جلد : 3  صفحه : 1334
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست