responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : في ظلال القرآن نویسنده : سيد قطب    جلد : 3  صفحه : 1215
وأعلن ضلالهم المطلق في هذه التصورات والمزاعم التي ينسبونها إلى الله بغير علم.
ثم لفت أنظارهم إلى أن الله هو الذي أنشأ لهم هذه الأموال التي يتصرفون فيها هذه التصرفات.. هو الذي أنشأ لهم جنات معروشات وغير معروشات. وهو الذي خلق لهم هذه الأنعام.. والذي يرزق هو وحده الذي يملك، وهو وحده الذي يشرع للناس فيما رزقهم من هذه الأموال.. وفي هذه اللفتة استخدم حشدا من المؤثرات الموحية من مشاهد الزروع والثمار والجنات المعروشات وغير المعروشات، ومن نعمة الله عليهم في الأنعام التي جعل بعضها حمولة لهم يركب ويحمل وبعضها فرشاً، يؤكل لحمه ويفرش جلده وصوفه وشعره.. كما استخدم ذكرى العداء المتأصل بين بني آدم والشيطان. فكيف يتبعون خطوات الشيطان، وكيف يستمعون لوسوسته وهو العدو المبين؟! بعد ذلك استعرض في تفصيل شديد سخافة تصوراتهم فيما يختص بالأنعام، وخلوها من كل منطق، وألقى الأضواء على ظلمات التصورات حتى لتبدو تافهة مهلهلة متهافتة.. وفي نهاية هذا الاستعراض يسأل:
علام ترتكنون في هذه التشريعات الخالية من كل حجة ومنطق: «أم كنتم شهداء إذ وصاكم الله بهذا؟» فكان ذلك سرا تعلمونه أنتم ووصية خاصة بكم! ويشنع بجريمة الافتراء على الله، وإضلال الناس بغير علم.
ويجعل هذا التشنيع أحد المؤثرات المتنوعة التي يستخدمها..
وهنا يقرر السلطة صاحبة الحق في التشريع. ويبين ما حرمته هذه السلطة فعلا من المطاعم. سواء ما حرم على المسلمين وما حرم على اليهود خاصة وأحله الله للمسلمين.
ثم يناقش إحالتهم هذه الجاهلية- الممثلة في الشرك بالله وتحريم ما أحل الله وكلاهما في مستوى الآخر من ناحية دلالته ووصفه الشرعي عند الله- على إرادة الله وقولهم: «لَوْ شاءَ اللَّهُ ما أَشْرَكْنا وَلا آباؤُنا وَلا حَرَّمْنا مِنْ شَيْءٍ» .. فيقرر أن هذه المقالة هي مقالة كل كافر مكذب من قبل، وقد قالها المكذبون حتى جاءهم بأس الله: «كَذلِكَ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ حَتَّى ذاقُوا بَأْسَنا» فالشرك كالتحريم بدون شرع الله، كلاهما سمة المكذبين بآيات الله. ويسألهم في استنكار علام تحيلون هذه المقررات التي تقررونها: «قُلْ: هَلْ عِنْدَكُمْ مِنْ عِلْمٍ فَتُخْرِجُوهُ لَنا. إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ، وَإِنْ أَنْتُمْ إِلَّا تَخْرُصُونَ» ! ثم ينهي مناقشتهم في هذا الشأن بدعوتهم إلى موقف الإشهاد والمفاصلة- تماماً كما دعاهم إلى هذا الموقف في أول السورة في شأن أصل الاعتقاد- مع استخدام نفس العبارات والأوصاف، بل نفس الألفاظ، للدلالة على أن القضية واحدة: قضية الشرك بالله، وقضية التشريع بغير إذن من الله: «قُلْ: هَلُمَّ شُهَداءَكُمُ الَّذِينَ يَشْهَدُونَ أَنَّ اللَّهَ حَرَّمَ هذا، فَإِنْ شَهِدُوا فَلا تَشْهَدْ مَعَهُمْ. وَلا تَتَّبِعْ أَهْواءَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا وَالَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ، وَهُمْ بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ» .. ونرى من الآية إلى جانب وحدة المشهد والعبارة واللفظ، أن الذين يزاولون هذه التشريعات هم الذين يتبعون أهواءهم. وهم الذين كذبوا بآيات الله. وهم الذين لا يؤمنون بالآخرة. فلو أنهم صدقوا بآيات الله وآمنوا بالآخرة واتبعوا هدى الله ما شرعوا لأنفسهم وللناس من دون الله. وما حرموا وحللوا بغير إذن من الله.
وفي نهاية الشوط يدعوهم ليبين لهم ما حرمه الله حقاً.. وهنا نرى جملة من المبادئ الأساسية للحياة الاجتماعية، في مقدمتها توحيد الله. وبعضها أوامر وتكاليف ولكن التحريمات أغلب، فجعلها عنواناً للكل:
لقد نهى الله عن الشرك. وأمر بالإحسان للوالدين. ونهى عن قتل الأولاد من الفقر مع طمأنتهم على الرزق.

نام کتاب : في ظلال القرآن نویسنده : سيد قطب    جلد : 3  صفحه : 1215
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست